وهم إصلاح الجماعة؛ بني ارشيد نموذجا
محمد البطاينة
15-08-2018 12:45 PM
بإخراح أو خروج زكي بني ارشيد من الباب الضيق من جماعة الإخوان المسلمين في الأردن يصل التنظيم الإخواني اليوم إلى حالة من الاستعصاء في التحول عن الصيغة البنيوية و الأيدلوجية الكلاسيكية التي أفضت الى هذا الانكفاء والانزواء للجماعة في المشهد السياسي في الأردن والمنطقة.
يشي إقصاء بني ارشيد من واجهة و حتى خلفية الصورة الإخوانية في هذا التوقيت؛ مع حالة الفراغ التنظيمي في قمة حزب جبهة العمل الاسلامي ( الذراع السياسي للإخوان) عن وجود صراع محتدم على خلافة الراحل محمد الزيود الذي خسر بني ارشيد أمامه بالذات في انتخابات قيادة الحزب.
ويبدو هنا أن تطلعات زكي بني ارشيد للدخول إلى الباب الكبير للحزب هي التي أخرجته من الباب الضيق للجماعة فرفقاء الأمس ( أعداء اليوم) من عتاولة تيار التشدد ( الصقور) كانوا حاسمين في مواجهة تغيرات زكي بني ارشيد الفكرية المفاجئة و القتل في المهد لمشروع انفراده في زعامة الحزب بمعزل عن القيادة الجماعية التقليدية للتيار التي كان هو رأس حربتها قبل الإطاحة بخصومه من تيار الاعتدال المسمى إعلاميا بالحمائم.
وقد تبرهن ذلك من قطع الطريق عليه في انتخابات رئاسة مجلس شورى الحزب التي ترشح لها مباشرة بعد خسارة انتخابات الأمين العام للحزب وذلك في محاولة منه للحفاظ على مركز قوة و موطىء قدم في الحزب إلا أنه مني( بضم الميم) بخسارة مدوية ليخرج خالي الوفاض من المواقع القيادية في الحزب.
بقي الرجل متشبثا بسراب التغيير من الداخل ووهم اصلاح التنظيم وأصر أن يتجرع مرارات الصراعات في البدايات والنهايات التي عاشها "خصوم الأمس" وكان لا بد من أن يجرب بنفسه طحن الطحين ودق الماء و أن يصل لكل داء دواء يستطاب به!! وهي التجربة التي خاض غمارها أصحاب السبق في الخطاب و البرنامج المدني والوطني الذي يعيد انتاجه اليوم بنسخة مكررة.
لا شك أن للرجل حضورا في الحالة الداخلية و قبولا بين كوادر التنظيم ولأطروحاته رواجا لدى اتجاهات وقطاعات داخل الجماعة والحزب؛ وهو ما ساعده على تكوين تيار ( تنظيم داخل التنظيم ) في محاولة منه لفك حلقات التضييق في الحزب بالتوسع داخل الجماعة وهو ما أدى لتضخم خطورته على مراكز القوى الفاعلة في التنظيم والخشية أضحت أن يبتلع وجوده حضور الواجهات القيادية الضعيفة في المكتب التنفيذي للجماعة.
هذه المخاوف من صعود بني إرشيد في أعلى قمة الحزب من قبل الإتجاهات المناوئة في التنظيم تلاقت مع هوى لدى اتجاهات في الدولة رافضة لصعود بني ارشيد سلم الجسر السياسي الذي يصل في ضفته الأخرى لصديقه المقرب مروان المعشر ليضع بذلك كل بيض التيار الإسلامي في سلة التحالف المدني وهو ما كان سيعزز نفوذ مراكز القوى المقربة من الحالة المروانية داخل السيستم السياسي بالدولة و يسقط ورقة الجماعة بصيغتها الأداتية كتيار ديني يجري استخدامه عند الحاجة في مواجهة التيار الليبرالي و هنا الأطراف المعنية في الدولة لربما مارست ضغوطها بما تملكه من مفاتيح لأقفال تلك الشخصيات التي نظنها مغلقة.
هكذا بهذه الطريقه الدرامية ينتهي زكي بني ارشيد من حيث بدأ ، من يمكن وصفه بالأب الشرعي للتيار المدني الوطني في الحالة الإسلاميةرحيل الغرايبة.
بيد أن تحولات بني ارشيد التي انتهى إليها اليوم تضعه في مسافة فكرية أقرب للمعشر واتوماتيكيا في السياق السياسي للمشاريع الدولية.
فهل يمضي بني ارشيد في مراجعاته الفكرية و صيرورته السياسية ويذيب الفروق في المقاربة الوطنية مع "خصم الأمس" رحيل الغرايبة الذي نعته ذات مرة بما يكاد أن يوصف به اليوم " أردنة الإخوان ،،،،ربما