إستطلاع رأي المُجتمع في التّشريع الضريبيّ: خطوة نحو المُواطنة الفاعلة
سيف زياد الجنيدي
15-08-2018 10:48 AM
بمجرّد مطالعة الخبر المنشور على عدّة مواقع إخباريّة إلكترونيّة والمُتضّمن نشر الحكومة إستبياناً للمُشاركة بالرّأي حول مرتكزات مشروع قانون ضريبة الدّخل المُعدّل لسنة 2018م، والذي تعكف الحكومة على إعداده وتقديمه إلى مجلس النّواب في الدورة الإستثنائيّة الثانية المُزمع عقدها وفق التّنبؤات السياسيّة بُعيد إنتهاء إجازة عيد الأضحى المُبارك، شعرت بحس المسؤولية وهرعت لدخول الرّابط الإلكترونيّ للإستبيان وأنجزت هذه المهمة الوطنيّة بقدرٍ كبيرٍ من الدّقة والفرحة تجتاحُني بأنّني قد أصبحت كمواطنٍ فردٍ شريكاً ولو جزئيّاً في عملية التّشريع.
يبعث هذا الإستطلاع على الرّغم من بساطة إجراءاته الأمل الكبير بوجود فكرٍ حكوميّ يؤمن بأهمية ودور المُواطن وضرورة إشراكه في إدارة الشّأن العام وإعتباره شريكاً أساسيّاً في عملية التّشريع.
أمّا الإنعكاسات المُتأتية من هذا الدّور المحوريّ للمُواطن فتتمثّل بضمان إحترام القانون وإنسيابيّة تطبيقه، وبالنّتيجة الحتميّة لهذا تحقيق الغاية المرجوة منه وبأقل جهدٍ وتكلفة. علاوةً على تعزيز روح المواطنة وإنعكاساتها السامية على منهج الحياة في الدولة.
هذا التّوجه الحكوميّ أحيا أملاً دستوريّاً تمنيت أن أتلمسه يوماً ما بدستورنا الأردنيّ لسنة 1952م، وهو أن يُصبح المواطنون شركاء حقيقيون في عملية التّشريع وأن تخرج مُبادراتهم التشريعيّة من دائرة التّمني والرّجاء، على غرار ما أخذ به الدستور الإيطاليّ الصّادر في عام 1947م الذي منح الأفراد العاديّين صلاحية المبادرة التشريعيّة بموجب المادة (71)، والتي جاء بها :(...بإمكان الشّعب تقديم التّشريعات من خلال طرح مشروع قانون مقسّم إلى مواد وموقع من خمسين ألف ناخبٍ على الأقل).
يمثّل هذا النّهج الدستوريّ المُقترح تطبيقاً لمفهوم النّظام النيابيّ الحديث الذي يؤكّد على ديمومة العلاقة بين النّاخبين والنّواب وعدم إنقطاع العلاقة بينهم بمجرّد إنتهاء يوم الإقتراع، خلافاً لمفهوم الوكالة العامّة للنّظام البرلمانيّ الذي تصوّره رجال الثورة الفرنسيّة، وهذا ما نأمل أن نبدأ السّعي لبلوغه وإحرازه في المُستقبل القريب، فالشّعب هو مصدر السّلطات وصاحب السّيادة، والسّعي نحو تحقيق إرادته وإحترام حقوقه هو السّبيل الأسمى لنهضة الدّول.
الكاتب باحث قانونيّ، وطالب في المعهد العاليّ للدكتوراه في الحقوق والعلوم السياسيّة والإداريّة والإقتصاديّة/ الجامعة اللبنانيّة.