عمون- مشيرة الزيود- أصبحت صناعة الدخان أردنيا مؤخرا تكسب اهتماما بالغا من اطراف متعددة، خصوصا مع ظهور "فضيحة مصنع الدخان" التي شغلت الرأي العام ولم تتوقف الاسئلة التي تطرح حولها.

هذه الصناعة المحلية ومع وجود شركات عالمية في الساحة الأردنية تواجه صعوبات كثيرة، أبرزها الهيكل الضريبي للقطاع الذي يرى مدير عام شركة فيليب موريس في الاردن فادي المعايطة بأنها السبب في ظهور المنتجات المزورة والمهربة، كما لا يستبعد عودتها الى الساحة المحلية بشكل اقوى بالرغم من الحملة الحالية الضخمة.

القطاع الذي يخسر كثيرا بحسب المعايطة يضع حلول امام الجهات الرسمية ويرافقها تفاؤل بأن تجد هذه المرة آذانا صاغية.

عمون حاورت المعايطة حول مشاكل القطاع، وبدأت من اخر قضية تشغل الرأي العام وما رافقها من اشاعات حول شكوى تقدمت بها شركة فيليب موريس من سنوات وساهمت في اثاره القضية الاخيرة واجاب المعايطة:

- بشكل عام لم يكن هناك تحريك دعاوي في الاردن، ونحن نسمع الاخبار مثل الاخرين عن طريق الاعلام وما يثار فيه كون القضية تحولت لرأي عام، ولكن غير صحيح ما يشاع عن تحريك فيليب موريس دعوى بهذا الخصوص سواء اشخاص او مؤسسات تم التحرك باتجاهها.

ولكن في مجال تزوير الدخان نحن كشركة كان لدينا تواصل مستمر مع الجمارك والصناعة والتجارة بعمل برامج للتنبية حول عمليات التزوير، فقد دربنا العام الماضي اكثر من 80 موظف في دائرة الجمارك على كشف التزوير والتمييز بين المقلد والاصلي، وكذلك نزودهم بالارقام التي تبين حجم الخسائر التي يتكبدها الاردن جراء ذلك، وتواصلنا مع الجهات الرسمية دائما يكون في اطار عام.

** هل اطلعتم في القضية المثارة مؤخرا حول تواجد منتجات فيليب موريس بينها؟

- نعم كنا مطلعين على ذلك، فنحن كشركة تبغ موجودة في السوق وكنا نشاهدها سواء منتجات شركتنا او شركات منافسة وهناك ايضا منتجات اسمائها "غريبة عجيبة" وكنا دائما ننبه السلطات بأن هناك ماركات موجوده بالسوق مزورة او مهربة تباع في محلات التجزئة، ومع الاسف رد الفعل لم يكن بالمستوى الذي شاهدناه في القضية الاخيرة، بل كانت مجرد ردود فعل ضعيفة وربما بسبب امكانيات هذه الجهات والمساحة التي تتحرك فيها.

** ما هو السبب وراء عمليات الغش والتزوير التي حصلت وجعلت المنتج المزور ينافس بقوة المنتج الاصلي؟

- المشكلة في هذا الموضوع وما رأيناه في الفترة الاخيرة ان الجميع يتحدث عن النتيجة والتي جاءت على شكل عمليات تزوير منتجات ووجود مصانع، وكذلك وجود مدخنين اردنيين انتقلوا من السجائر القانونية الي الانواع الرخيصة والمزورة، هذه كلها نتائج لكن هناك مسببات واساس للوصول الى هذه النقطة، ولو تم السيطرة حاليا على هذا الوضع وتم التخفيف من التهريب والتزوير لكن سيعود هذا الامر بشكل اقوى والسبب لان الاساس لم يتم معالجته.

المشكلة تتلخص في الهيكل الضريبي والسياسة المالية لقطاع التبغ، فاليوم نحن نتطلع الى هيكل مالي عندما يتم رفع الضريبة بشكل جائر سنة عن سنة وبالمقابل لا يعطي اي ربح للشركات المصنعة ولا يعطي ربح للتجار سواء جملة او تجار تجزئة، هذا الامر يدفع الشركات المصنعة الى التخفيض من استثماراتها في الاردن وعدم التوسعة والانفاق على منتجها، ولا تمرر اي ربح للتجار سواء تجزئة او جملة، بل ربح بسيط جدا لذلك تاجر التجزئة يضطر الى العمل بالمهرب والمزور ليحقق ربح اكبر، اما الامر الثاني فهو يتعلق بالمستهلك عندما يجد المنتج ارتفع سعره 30 قرش وكل سنة يرتفع بينما البديل عنه ومن نفس الماركة رخيص وسعره في المتناول فهو يختاره ليوفر على نفسه.

لذلك المشكلة الاساسية التي تواجه شركات التبغ وقد أبلغنا الجهات الرسمية من 3 سنوات هي الخلل في الهيكل الضريبي في انها ستؤدي الى انفجار بالتهريب والتزوير وهذا شاهدناه في 2018، واول مرة اتصلنا مع الجهات الرسمية حول هذا الموضوع كانت في 2015، والمشكلة الثانية هي عزوف المستهلك عن المنتج الاصلي وشراء المنتجات المهربة والمزورة رخيصة الثمن، فلا يوجد معالجة مالية صحيحة للهيكل الضريبي الموضوع على السجائر.
وقدمت شركات التبغ مقترحات لكن لم يتم التجاوب معها، لاننا كشركات تبغ ننظر الى المدى الطويل في حين الجهات الرسمية تنظر لها كقضايا آنيه.

** الحكومة فرضت في السنوات الاخيرة ضرائب على الدخان هل انتم كشركات تبغ كنتم معنيين بذلك ام لا؟

- زيادة الضريبة على الدخان لو افترضنا انها كانت 20 قرشا على "البكيت" فهي تذهب كلها الى الحكومة، ونحن كشركات دخان ندفع رواتب ومدخلات انتاج والاجارات وكل الخدمات، فالمنتج يرتفع سعره وبنفس الوقت الضريبة على "البكيت" الواحد تذهب كاملة الى الحكومة وبالتالي دخل الشركة لا يرتفع، وهذا ما يضغط على المصنعين والمستثمرين في الاردن وهذا ينعكس بعدم تطوير مجال الاعمال، وايضا التاجر الذي يبيع منتجاتنا لا يستفيد لذلك من مصلحته بيع المهرب والمزور.
ونقطة اخرى مؤخرا حصل تعديل على القانون المعدل للجمارك والذي يفرض غرامات عالية على البضائع المهربة والمزورة لكن مع الاسف لا يوجد تطبيق له، فاليوم اذا زرنا محلات التجزئة سنجد المنتج المهرب والمزور، ففي الاردن اكثر من 10 الاف نقطة بيع للسجائر معظم هذه النقاط تبيع المزور ومنهم كثير يعرضوه علنا.

** تحدثت سابقا عن زيادة حجم استثمار شركتكم في الاردن على مدار ثلاث سنوات، الان ومع حديثكم عن الهيكل الضريبي هل ما زلتهم على نفس الخطط؟

- اليوم استثمار في الاردن قيمته 60 مليون دولار، كنا نريد القيام بتوسيع مصنعنا واعمالنا في الاردن لكن اذا شركة بحجم فيليب موريس عالميا بدها تستثمر في بلد بدها تشوف المدى الطويل لاستثمارها، هل سيتطور؟ مدى استقرار السياسة المالية والاقتصادية في هذا البلد ليعطي استثمارها عائد، اليوم في ظل قانون الضريبة الحالي والذي كان لدينا امل واخذنا وعود بالنظر فيه، لكن مع الاسف من اشهر وهذه الوعود مكانك راوح ولم يتم النظر فيها، ولذلك هذا الاستثمار لم يتم طرحه وننتظر رد من الحكومة ولا نتحدث هنا عن عشر سنوات ولكن على الاقل 3 سنوات فيما يتعلق بالسياسة المالية والضريبية لقطاع التبغ.
ونحن نعلم بأن الانشغال الان في قضية المزور والمهرب وهذا امر ايجابي جدا، لكن عدم معالجة اساس المشكلة يجعل عودتها بحكم المؤكد من يظن عكس ذلك فهو متوهم، فاسعار الدخان التي ستواصل الارتفاع مع وجود مستهلك يحتاجها، فما دام الطلب موجود فالعرض سيستمر وتحديدا في محلات التجزئة التي لا يوجد ضغط من الحكومة عليها للتوقف عن بيع المزور والمهرب.

** ولكن كل الحكومات شددت على تشجيع الاستثمار، والحكومة السابقة والحالية تقوم بجهود كبيرة لتوفير التسهيلات لذلك، هل استفادت شركتكم من ذلك خصوصا مع وجود خطط لثلاث سنوات قادمة؟

- هناك تغيير كبير جدا في التعاطي الحكومي مع وجود وزير الاستثمار الحالي مهند شحادة وكذلك وزير الصناعة والتجارة طارق الحموري ومتفائلين بوزير المالية الجديد عزالدين كناكرية، ولمسنا تغيير واضح من ناحية التواصل المباشر مع الحكومة، وايضا حاول المساندة في تحسين القاعدة الاقتصادية لقطاع التبغ، لكن المشكلة التي اصبحنا نواجهها هي عدم وجود تنسيق كامل ما بين الاستثمار والصناعة والتجارة ووزارة المالية التي كانت تقابلنا بسد نصطدم به لانها تكتفي بالتفكير باليوم وهذا لا يعتبر سلبي بالمطلق ولكن علينا التفكير بالمستقبل، ونحن اليوم امام مئات الملايين التي تضيع على الحكومة لانها لا ترضى القيام بحركة تصحيحية، لذلك فان تغيير النظام الضريبي او السياسة المالية يتلب تضحيات فمن الصعب الحديث عن عملية تصحيح بدون تضحيات، كما ان السنة القادمة والتي تليها ستكون اصعب وستكون هناك خسائر اكبر، وهنا نجد ان الحكومة تضع على نفسها ضغط سنة تلو الاخرى وتكبر ككرة الثلج لانه لا يوجد قرار جريء لتغيير هذا النظام للمستقبل القريب على الاقل.
وقد تواصلنا مع الحكومة الحالية وحصلنا على وعود، كما كان لدينا تواصل مع الحكومة السابقة وحصلنا على وعود ايضا لكنها استمرت لثلاث سنوات دون فعل حقيقي، ونحن كشركة تبغ لدينا استثمار بقيمة 60 مليون ونريد تحقيقه لكن من الصعب الاستثمار في مكان نخسر فيه الكثير.

**ما هو حجم الخسائر التي تلحق بقطاع التبغ؟ وهل فقط اردنيا ام بالمنطقة ككل والخليج؟

- نحن كشركات تبغ ولا اتحدث فقط عن شركة فيليب موريس نخسر سنويا في الاردن، واكبر خسارة نتعرض لها كشركات تبغ في الشرق الادنى نواجهها في السوق الاردني، ونحن هنا نتحدث عن ارقام كبيرة، وسببها رفع الضريبة في 2018 التي كانت ضريبة كبيرة جدا، حيث جاء الرفع اكثر من 10 قروش لتصل الى 20 قرش و 3 فلسات وهذا رفع الاسعار عاليا، وسبقها في 2017 رفع 10 قروش وفي المرتين الحكومة كانت تحصل على قيمة الضريبة كاملة ولا تستفيد الشركات منها ابدا بعكس الاعوام التي سبقت ذلك حيث كانت الشركات تستفيد بمقدار قرش الى قرشين من الـ 10 قروش الا انه بعد ذلك اصبحت الحكومة تضع ضريبة عالية وفي بعض الماركات كنا ندفع ايضا فمثلا عندما ارتفع سعر علبة الدخان 20 قرشا والضريبة 20.3قرشا فاننا ندفع الـ 3 فلسات من قبلنا.
فهذا الرفع يعود على الحكومة ولا ربح للشركات بل تخسر، ونعود للقول بأن هناك خلل كبير في النظام الضريبي وهذا اساس انفجار المهرب والمزور الذي شاهدناه مؤخرا.
واذا كنا سنتحدث عن الاستثمار فمن الصعب القيام به مهما كان حجمه سواء متوسط او كبير وانا اعلم بانه سيخسر، فالحكومة تتعامل مع هذه الاستثمارات بعقلية المحاسب وليس بعقلية الاعمال او التجارة.
كما اننا سنة عن اخرى نعاني من ضغط كبير والخسائر التي تحصل كبيرة.

** تقدم شركتكم محليا مجموعة اعمال اجتماعية للتواصل مع المجتمع المحلي كيف ذلك؟

- نحن كشركة نقوم بمرحلة تحول، على سبيل المثال المنتجات ذات احتمالية تخفيض المخاطر حيث نسعى مستقبلا التوقف عن صناعة السجائر والانتقال للمنتجات التي تخفف الضرر، ومن هنا اردنا اظهار دورنا المجتمعي وهذه فلسفة "فيليب موريس" عالميا فهم نشيطين عالميا بالبرامج المجتمعية، وفي الاردن تحديدا ركزنا على التعليم بهدف التشغيل، وركزنا على برامج اخرى وكان هناك تعاون مع صندوق الامان لرعاية الايتام ولليم قمنا بمساعدة اكثر من 50 يتيم ومنحناهم شهادات مهنية جامعية، وكذلك قدمنا منح جامعية للمجتمع المحلي، واصلحنا اكثر من 6 مدارس، واقمنا دورات لاكثر من 600 طالب جامعي من المجتمع المحلي للانخراط في بيئات العمل المختلفة، ونعمل على اقامة دورات للغة الانجليزية ودورات تقوية للتوجيهي.
هذا هو دورنا الذي نقوم به ونتمنى وجود دعم من الحكومة للشركات الخاصة لكي تعطي للمجتمع المحلي، لان الشركات الخاصة اذا بقيت تخسر فان هذا الدعم سينقطع.

** تعمل شركة فيليب موريس باستمرار على تطوير منتجاتها وهناك خطوة مستقبليه للاستغناء عن صناعة السجائر، ما هي خطواتكم الاخرى؟

- كشركة عملنا منذ 3 سنوات وما زلنا مع الحكومة على ادخال منتج ذو الاثر المنخفض للسوق الاردني باستثمار جيد، لكن كان هناك عدم توافق بوجهات النظرمع وزارة المالية والصحة لتسويق هذا المنتج، وحاولنا توضيح بأنه موجود في 38 دولة منها سويسرا المانيا ايطاليا واليابان ومعظم دول الاتحاد الاوروبي وهي دول متطورة علميا وطبيا، ومن المستحيل ان توزعه اذا لم يكن هناك ثقة بأنه أمن طبيا، وعربيا موجود في فلسطين من شهر 10 من العام الماضي برام الله، وهي الدولة العربية الاولى وهناك خطط لتسويقه في الوطن العربي.
وهذا الاستثمار ان وجد سيخلق اكثر من 150 فرصة عمل وسيتم افتتاح محلات لادراج هذا المنتج لاننا نتطلع لمستقبل خال من السجائر.

** هل تدعمون البحث العلمي خصوصا اذا ما اقترن التدخين بامراض السرطان كمسبب رئيسي له؟

- الى اليوم تم استثمار اكثر من 5 مليار دولار لتطوير المنتجات ذات احتمالية تخفيض المخاطر فقط، وهناك مركز ابحاث علمي بمدينة نيوشيتيل بسويسرا مكون من 400 عالم من اهم العلماء في العالم، ومستقطبين من شركات ادوية واطباء على مستوى عالي كلها تعمل معا لتطوير هذا المنتج، وتبين لاحقا بانه يعمل على اليه التسخين وليس الحرق بأن 90 الى 95% من المواد الكيماوية الناتجة عن السيجارة التقليدية تنخفض في هذا المنتج، وهناك دراسات ضخمة تتعلق بتطويره ايضا، فقيمته العلمية عالية جدا وطلبنا الجهات الرسمية اجراء الابحاث عليه والاطلاع على الدراسات الا ان الحوار مقطوع تماما مع هذه الجهات ولا يوجد رد فعل للنظر فيها.