الكتابة عشقي الكبير .. أهيم في التفاصيل عندما تتشكل حروفاً وتغدق الروح والحياة على الورق ولون السماء وخضرة الحقول وضحكات الأطفال .. هي لحظات أستعيد فيها العافية، وأعيد تجديد الحياة في الدواخل المنسية من الذات ربما، أو المتآكلة أحياناً، وفي أحيان أخرى الدواخل الهشة من طول الحزن ..
لكنني حين أفكر بالكتابة عن وطني أخشى كثيراً أن لا أجد الطريق لأعبِّر عما في نفسي، واحتار في أي الزوايا يمكن أن تكون أكثر أهمية من غيرها في التعبير .. وكيف لكلماتي أن ترتوي من قداسة وطن يملأ دوماً لهفة روحي ويسند إرادتي .. يشكِّل وجداني وخيالي .. شراييني وأوردتي ..
حين أكتب عن الأردن وطني تفيض بي الأمومة وترشح حنيناً وعشقاً سرمدياً وأزلياً ممتداً عبر الزمان .. كأنه الارتواء بعد العطش .. أشعر بأرواح الشهداء الأبطال، الذين رحلوا بأجسادهم لكن أطيافهم تعيش بيننا، تحمينا من التراجع والتقهقر إلى الوراء والسقوط في مهاوي الهلاك .. الأردن بلدي .. بلدي الذي لا يخاف البرد ولا الرصاص ولا الظلام .. بلدي حبيبي الذي أعشقه بجنون .. وأعيشه حالة من الاستغراق والخدر الجميل في معانيه، أدمنه وأهيم به حاضراً في كياني، على ما فيه من أوجاع أحياناً أو تناقضات أو مفاجآت .. الأردن حبيب أهديه كل الأهازيج والأغنيات والفرح المنسوج من هُدب الشرفاء .. وأنشده أردنّيْ الأبي .. الرحيل عنك خيانة .. وعدم الإيمان بك ضعف .. فأنت للأوطان وطن النخوة .. ينتشل الناس من اليأس عندما تلوح النهايات السوداء في الأفق .. أنتَ نحن .. ونحن الأردن .. أنتَ الشرف ورمز التضحية والفداء .. فجنودك، جنود الوطن، مختلفون .. لا ينتظرون التحيات .. لأنهم أحياء في قلبك، ومن يحيا في قلب وطنه لا يموت .. طالما لم يهب روحه إلا لمجد هذا الوطن وهامته مرفوعة لا ينحني إلا ليقبِّل ترابك الطهور .. ذلك هو العاشق الحقيقي .. الوطني الحقيقي .. فهل نستطيع أن نكونه ؟!
- الكاتبة شاعرة وفنانة تشكيلية