انتهت العملية الأمنية في السلط، وخرج وزيرا الإعلام والداخلية ومديرا الدرك والأمن في مؤتمر صحفي أمس، شرحوا خلاله تفاصيل ما حدث في المداهمة الأمنية لشقة كان يتحصن فيها ثلاثة من الإرهابيين يستعدون لتنفيذ عمليات إرهابية ضد "نقاط أمنية وتجمعات شعبية"، مثلما قال وزير الداخلية سمير مبيضين.
هدم البناية التي فخخها وفجرها الإرهابيون لم يكن نهاية العملية الأمنية في السلط، ففي ساعات مساء أول من أمس، عثرت قوات الأمن على كميات كبيرة من المتفجرات والأحزمة الناسفة مخزنة تحت الأرض في منطقة قريبة من شقة الإرهابيين.
خمسة من أعضاء الخلية الإرهابية كانوا قد وقعوا في قبضة المخابرات العامة بعد تفجير الفحيص بساعات معدودة. حتى اللحظة لم تكشف بشكل رسمي هوية القتلى الثلاثة في عمارة نقب الدبور، ولا أسماء الموقوفين الخمسة، وذلك لاعتبارات أمنية مفهومة.
لكن المعلومات المتوفرة من تصريحات المسؤولين ومصادر الأجهزة الأمنية تؤكد أن عملية المداهمة المباغتة والسريعة للشقة حالت دون تنفيذ عمليات إرهابية كبرى في مواقع عدة كانت قد تم جدولتها من قبل الإرهابيين الثلاثة، وقرروا تسريع تنفيذها بعد إدراكهم بأن قوى الأمن أصبحت على بعد خطوة منهم.
الخلية الإرهابية غير مرتبطة مع جهات خارجية، كما قالت وزيرة الإعلام جمانة غنيمات، ولا ترتبط تنظيميا بتنظيم داعش الإرهابي، لكنها تعتنق أفكاره المتوحشة. وحسب ما قال مديرو الأمن، فإن أفراد الخلية اعتنقوا فكر داعش حديثا، لكن بالنظر إلى أنهم في الثلاثينيات من أعمارهم، يصعب أن يكونوا بلا ماض مع الفكر المتطرف أو بدون سجل أمني.
بيد أن نهاية العملية في السلط لايعني نهاية الخلايا الإرهابية المرتبطة مباشرة بخلية السلط أو التي تعمل بشكل مستقل في أماكن أخرى من الأردن.
ولهذه الاعتبارات بدأت القوى الأمنية المختصة مسحا شاملا لحصر المشتبه بهم على نطاق واسع، وقد تم بالفعل توقيف عدد من الأشخاص في السلط وغيرها ممن لهم صلات حديثة أو سابقة بالجماعات الإرهابية أو يحملون فكرها.
بعد عمليتي إربد والكرك، شنت الأجهزة الأمنية حملات مكثفة لضبط الأشخاص المؤيدين لفكر الجماعات الإرهابية، وأفضت نتائج التحقيق معهم لإبطال عمليات إرهابية كانوا يخططون لتنفيذها، وتحطيم قدرات الخلايا الإرهابية على التواصل والعمل.
المؤكد أن مرحلة ما بعد عملية السلط ستكون على المستوى نفسه، وتستهدف الخلايا الناشئة حديثا لاجتثاثها من جذورها والحؤول دون تحولها لمصدر تهديد مباشر وخطير على النحو الذي بلغته خلية السلط الإرهابية.
المواجهة مع هذا النوع من التهديد ستستمر لسنوات مقبلة، والجديد والخطير فيه أن فعاليته لم تعد مرتبطة بدعم خارجي أو توجيه من قيادة مركزية، كما كان الحال أيام سيطرة "داعش" في سورية والعراق، بل يقوم على مبادرات ذاتية من مجموعات داخلية لم تخض تجربة القتال في الخارج، وتتغذى من مصادر محلية متاحة بشكل كبير لم نفكر بعد بتجفيفها. هنا يكمن الخطر.
الغد