دماء الشهداء .. أنت في ذمتنا .. !
أ.د عمر الحضرمي
14-08-2018 12:16 AM
في يوم الأربعاء 2014/4/30 أصدرت وزارة الخارجيّة الأميركية تقريراً حكوميّاً حول الإرهاب في دول العالم، جاء فيه أن "الدولة الأردنية كانت وظلت حليفاً قويّاً في مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف العنيف، وأن موقع المملكة الجغرافي يجعلها عرضة لمجموعة متنوعة من التهديدات الإقليمية".
وأشاد التقرير بقدرات الأردن على مكافحة الإرهاب، فتحدث عن "قدرات متقدمة للكشف والردع، ومنع أعمال الإرهاب داخل أراضي المملكة بشكل استباقي".
وعلى المقلب الآخر قال التقرير:"إن الأردن ظل ملتزماً بحماية حدوده، واستمر في حرمان الإرهابيين من إيجاد ملاذ آمن لهم على أراضيه، وأنه سعى لمواجهة أيديولوجية العنف وإضعافها، تلك الأيديولوجيّة التي تدعم المنظمات المتطرفة العنيفة".
وفي ذات السياق فقد انتشرت اخيرا على مواقع التواصل الاجتماعي صورة يافطة عُلّقت في أحد شوارع ولاية نيوجرسي في الولايات المتحدة الأميركية، كتب عليها بجانب صورة العلم الأردني: "الأردن...شكراً لك لأنك أريْتَ العالم كيف يجب التعامل مع الإرهابيين".
وقد قالت بعض المصادر الدوليّة: إن العديد من الدول العربية والصديقة استعانت بالأردن في الكثير من القضايا والحملات الأمنية في مكافحة الإرهاب.
هذه الإطلالة جاءت لتقول: إن كل ما توفّر لهذا البلد منذ نشأته من قدرات وإمكانات، إنّما جاءت من منابع التجربة التي رافقتها حنكة في إدارة الإزمة، وحكمة التعامل معها.
فنحن في الأردن عانينا من اغتيال ولي الأمر ورؤساء وزراء ومسؤولين وقادة، وكان أهم ما خرجنا به من هذا كله إلى الدنيا، هو اقناع البشر، كل البشر، أن كل حادثة قد جرت قد انطلقت من تحت عباءة الظلم لهذا البلد والتآمر عليه. إلا أنّ الأعجب هو أننا قد تعاطينا مع هذا كله بهدوء ودراسة ورويّة ووعي، واقتدار. وأضأنا حول كل حاراتنا ومساكننا وجبالنا وودياننا أنوار التقصّي والتتبع بكل احتراف ودون أنْ نوجع الناس بأوامر المنع والإغلاق. كما كنا نَعُضّ على الجرح، ونأخذ منه عبرة نأوي إليها عندما نحس أنّ هناك تهديداً أو شراً يحيطان بنا أو يقتربان منّا.
منذ أن أصيبت البشريّة بوجع"الحرابة"التي لم تترك طفلاً أو شيخاً أو إمرأة أو جنيناً إلا وأوردته مهاوي الرّدى، والناس يبحثون عن مخرج من هذه الخطيئة التي دفع بها البعض، بدأت بسوء التفسير لمعنى ما ورد في الكتب السماوية، فبدأ التطرف ينخر جسم المجتمعات الأوروبية التي كانت خارجة لتوّها من عتمة القرون الوسطى، أو قرون الظلام، كما كانوا يسمونها. وأخذ الفكر الضلالي ينحرف بالناس، وخاصة الشباب، الذين تاهوا عن السبيل القويم، والذين، للأسف لا يكتشف أحدهم خطأه إلاّ بعد أن يصاب بإصابة الموت، أو بعد أن يفقد القدرة على الرجوع عن غيّه وعن الضلالة.
وبعودة إلى ساحتنا الأردنية، نجد أننا بدأنا منذ زمن في مسيرة تصحيح لهذا الفكر المريض، وأخذنا على عاتقنا تجميع الجهود المحلية والإقليمية والعالميّة لمحاربة الإرهاب الذي هو في حقيقته"حرابة"الله ولرسوله وللمؤمنين ..فكان جلالة سيدنا يستقبل الرئيس والقائد تلو الرئيس والقائد، ويستضيف الاجتماع تلو الاجتماع حتى استطاع أنْ يشكل جبهة قويّة قادرة على التعاطي مع هذا النوع من الجرائم على أفضل وجه.
إلا أن أهم ما أخذ به الفكر السياسي والأمني الأردنيان هو تركيز الجهد في البحث والإحاطة والتقصّي حتى تمكنّا من وأد الفتنة في مهدها، ورد الكيد إلى نحور هذه الزمرة الضالة المضلة.
لذا فإني، وغيري الكثيرون، نهيب بالشرفاء والواقفين على الثغور أن يوحدوا الجهد، فالانتصارات التي تحققت ليست بالقليلة، والهزائم التي نزلت بالكافرين ليست بالقليلة أيضاً، ونعاهد الذين ارتقوا إلى السماء أن دماءهم أمانة في أعناقنا.
ohhadrami@hotmail.com
الرأي