بالرجوع الى الخطة الوطنية لمواجهة التطرف التي تم نشرها عام 2016 والتي اشتملت على العديد من النقاط المهمة لمكافحة الارهاب و بالنظر الى العمليات الارهابية التيحصلت في السلط و الفحيصوقبلها الكرك واربدفقد حان الوقت لتطبيق ما جاء في هذه الخطة على أرض الواقع ووضع برنامج توعويرصين لتدريب المواطنين الاردنيين للتعرف على دلالات ومؤشرات الشخصية الارهابيةو دلالات وجود الفكر التكفيري والتطرف لدى أي شخص كائنا من كان.
فمن الممكن أن يرى المواطن الاردني علامات ومؤشرات تدل على تحول شخصية احد ما الى التطرف وميله الى الارهاب والعنف ولكن لعدم وجود التدريب والتوعية الكافية لا يعرف المواطن لمن يلجأ وكيف يتصرف وهنا تفوتنا فرصة تعطيل عملية تكوين الارهابي وتفوتنا فرصة انقاذة وانقاذ ارواح اخرى.
ولا أتحدث هنا عن المنظر العام والخارجي للشخص كاللباس او الشكل بل اتحدث عن اهتمامات وتصرفات وكلمات يستخدمها هؤلاء من الممكن ان تقود اليهم والى خلاياهم. ان هؤلاء الارهابيين والمتطرفين يعيشون بيننا في بلدنا ومهما بلغ ذكاءهم وقدرتهم على اخفاء حقيقتهم فهناك دائما مؤشرات تدل عليهم حيث من الممكن أن نقابلهم في الشارع وأن نتكلم معهم ومن الممكن أن يكونوا أصدقاء قدامى او حتى أشخاص جدد نتعرف عليهم في معترك الحياة أو حتى من الاقارب والجيران .
واذا كان الارهابيون يجندون أشخاصا لهم ملف شخصي معين وصفات معينة فعلينا أن نعرف المواطنين بهذه الصفات والدلالات والملف الشخصي المستهدف من قبل الجهات الارهابية. واذا كان الارهابيون يجندون عددا منالاشخاصلتحقيق اهدافهم فعلينا ان نجند شعبا كاملا لكشفهم والمساعدة على توقيفهم او حتى انقاذهم من الهاوية التي يشرفون على الوقوع بها.
ولأن التبليغ من قبل المواطنين عن المتطرفين يتطلب شجاعة وجرأة علينا تشجيع المواطنين على التقدم بأي معلومات من الممكن ان تساعد في التحقيق او في توقيف المتطرف وذلكمن خلال اعطاء المواطن حق الحماية والحصانة عند الادلاء بالمعلومة وأن يضمن له حق الخصوصية وعدم الافصاح عن أي معلومة تشير اليه. و اذا اضطر الأمر يجب أن يكون هناك خط ساخن للتبليغ عن اي معلومة متعلقة بالتطرف و الارهاب.
نحن بحاجة لحملات توعوية تستهدف المواطنين الاردنيين على مختلف اطيافهم لتعريفهم بالمؤشرات و المظاهر التي عليهم أن يميزوها في الاشخاص المحيطين بهم والتي من الممكن ان تعكس ميولا ارهابية .تماما مثل اي حملات توعوية اعتدنا عليها في بلدنا في مجالات الصحة والأمن حملات واضحة و بسيطة تصف الحالة و توضح الخطوات اللازم اتخاذها في حال الشك بوجود متطرف او ارهابي او حتى ارهابي في مرحلة الصنع .
و من باب المبادرة وحل المشكلة قبل وقوعها عليناتوعية المواطنين بالوسائل التي يستخدمها الارهابيون للوصول لأهدافهم وتجنيدهم الكترونيا وتوضيح الجهة التي يجب على المواطنين اللجوء اليها في حال التعثر بأي دعوة الى التطرف والتكفير .
ومن المهم ايضا وضع خطة موجهة للمواطنين تعنىبكيفية التعاطي والتعامل في حال حدوث حوادث ارهابية من حيث عدم تبادل المعلومات الغير رسمية وتبادل الاسماء و الصور وعدم التواجد في اماكن وقوع الحوادث والتعاون مع توجيهات الامن والسلطات في هذه المواقف.
ويحب ان لا نغفل تفعيل دور رجال الدين و المساجد والتشديد على أن الفكر المتطرف ليس من الاسلام في شيء وأنه على النقيض من الاسلاموتعاليمه. و التركيز على سماحة الاسلام و الاعتدال والوسطية.
و من النقاط الاساسية لمحاربة الارهاب خلق توعية بأهمية الصحة النفسية للمواطنين وتسهيل الحصول على المعالجة النفسية في حال المرور بظروف صعبة وعدم الشعور بالعار عند اللجوء الى المعالجة النفسية حيث أن الكثير من الاشخاص الذين يتم تجنيدهم هم أشخاص مروا بظروف صعبة وبحاجة لمساعدة المجتمع والمعالجين النفسيين للخروج من الازمات والظروف الصعبة التي مروا بها.
وعلينا ان لا نغفل دور المدرسة والصف والمعلم في التصدي لهذه الظاهرةفهو من أهم الادوار . فهل قمنا بتنظيم محاضرات توعوية للمدارس وخصوصا في المناطق التي من الممكن ان تكون تربة خصبة لتجنيد المتطرفين واصحاب الفكر التكفيري. وهل قمنا بعمل ورشات عمل ومحاضرات للمدراء و المعلمين والمعلمات لتدريبهم على تمييز ومعرفة مؤشرات التطرف سواء لدى الطلاب او حتى الأهالي ,هؤلاء التربويون والتربويات هم عيوننا في هذا الوطن وهم خط التغيير الايجابي الأول لنا في مثل هذه الحالات وهل قمنا بالتركيز على دور حصص الموسيقى والفن والرياضة التي تساعد الطلبة على معرفة اهتماماتهم اللامنهجية وهواياتهم حتى لا نتركهم للفراغ الذي يؤدي الى الشر والسوء.
وأخيرا وليس آخرا, يجب ان يكون الهدف من هذه الحملة التوعوية هو خلق دور فاعل للمواطنين في التصدي للارهاب والتطرف وعدم الوقوف مكتوفي الايدي والترقب الى أن تقع الكوارث و نخسر الارواح الهدف هنا هو المبادرة في خلق وعي وفهم لمحاربة هذه الظاهرة المقيتة التي خسرنا بسبهها الكثير. أدعو الله ان يحمي وطننا الحبيب شعبا وقيادة وادعوه ان ينير بصيرتنا في التحدي لهذا الشر الغاشم.