غادرت قبل أن تكتمل ابتسامة
سليمان القبيلات
25-05-2009 04:10 PM
بعدما تخففت من حَمْلها على أهبة شتاء بدا قدومه خجلاً، منحت الجميلة نفسها حريةَ الإمعان في تأثيث ذاكرة القطاف بصور ترصد إسهامها الثرِّ في رفع رصيدِ الحياة وولادة فتن جديدة.
في نهارات السفح حيث كانت تقف مترعةً بالحب، رددت الجميلة على مسامع الجيران وعابري الطريق، أننا سواء في عماء الغريزة.
على أبواب رحيل الى منافي الحاجة قالت الجميلة قبل الوداع: أنا هنا في السفح باقية على الرغم من توالي الفصول.
حدّث منتظرُ أوبةِ القطاف نفسه بلا كلل أن محبوبته الجذلة سترتمي في أحضانه بحكم التكوين، مثل فراشة في انشدادها للهب.
بعد غياب مثقل بذاكرة تأسّنت دفاتها تحت سياط المحل، اختارت الجميلة الانسحاب من مشهد السفح ملفوفة بعقم وسكوت أبدي، فتساءل المنتظر: أي حياة تنبري من ثنايا جثة روح جميلة ابتليت ببلادة تتثاءب لفرط توطنها في موات الحقول.
تلك الجميلة غدا مكانها اليوم في السفح قاعاً صفصفاً! هكذا هُيئ للمنتظر الذي كان يرى في جميلته الراحلة تكثيفا لسيرته مع الأُنوثة.
نعى السفح جميلته لكنها ظلت وجعاً نقتسمه بقسطاس، فقد كانت أجمل الجميلات حتى في نومتها الأبدية.
ناداها: يا أجمل النائمات، يا أيقونة الخلود في الذكر الحكيم.
يا وجعَ الجمال في سعيه للاستقالة.
ذرفتُ دمعةً على قصة عشق تائه فيما السفح يمنع دمعاً غادر حدقة عينيه لينتحر على الخدين.
تلك الجميلة عاشت عشرين عاماً في كامل بهائها، بثت الحبَّ في الأرجاء لكنها غادرت قبل ان تكتمل ابتسامة.
muleih@hotmail.com