** حال الفضائيات الخاصة ما هو الا مؤشر على انهيار الخطاب الاجتماعي
كادت رسالة نصية على شريط فضائية محلية مغمورة ان تفجر ازمة اجتماعية, الغاضبون من مضمون الرسالة هاجموا مقر المحطة وحطموا محتوياته وفيما احتشد المئات من ابناء العشيرة المحتجين امام منزل احد نوابهم سارع مالك محطة »وطن« الى الاعتذار عن الاساءة وعزا ظهور الرسالة على الشاشة لاسباب فنية خارجة عن ارادة المحطة.
الحادثة سلطت الضوء على حال الفضائيات الاردنية الخاصة التي انطلقت منذ اربع سنوات تقريبا . في بدايات التجربة راهن الكثيرون على القطاع الخاص في تقديم اعلام فضائي اردني مهني ومستقل يتجاوز في سقفه ورسالته التلفزيون الرسمي, غير ان الآمال خابت مع مرور الوقت وتحولت تلك الفضائيات الى مجرد مشاريع استثمارية تعتاش على المردود من الرسائل النصية والتي بدورها اصبحت وسيلة لترويج خطاب دوني يمجد العصبيات والهويات الفرعية بكل اشكالها وساحة لحروب نصية بين ابناء العشائر والمناطق يواكبها سيل من الاهازيج الرديئة والاغاني الهابطة, وحين فكر اصحاب هذه المحطات بتطوير اداء فضائياتهم لجأوا الى تقليد برامج الحوارات الصاخبة التي تثير اعصاب المشاهدين دون ان تقدم لهم اي مادة مفيدة.
ازمة »وطن« ليست الا واحدة من عناوين ازمة تطال كل مناحي الحياة في بلادنا, فأهل السياسة يتحدثون عن ازمة ثقة ومأزق خيارات, وانصار الرياضة يعانون من امراض مزمنة تهدد مستقبل القطاع, ولا ننسى بالطبع الازمة الاقتصادية وهي الاكثر حضورا في هذه الاوقات ومن قبلها ازمات في الثقافة والاعلام والاسرة.
تتجلى مظاهر هذه الازمات في الميل المتزايد للعنف والانكفاء نحو الولاءات التقليدية, وتنامي مشاعر العداء بين الناس, والعجز عن الابداع, والسقوط في عالم الجريمة, وفقدان الثقة بالقيم الجمعية والحضارية.
في مثل هذه الظروف يتجه الناس الى اخذ القانون بايديهم, الجمهور الغاضب يريد الفوز لفريقه »خاوة« وطالب الوظيفة لا يفكر بغير الوساطة لتحصيل حقه, والسياسي يسعى للمنصب بالتزلف والتقرب .... وهكذا تدور العجلة في المجتمع.
عندما تتراجع سلطة القانون والمؤسسات ويندثر المشروع الوطني الجامع ونفتقد قيم العدالة والمساواة ينحدر الوعي الاجتماعي الى ادنى درجاته ويدخل الوطن كل الوطن في ازمة تكفي رسالة نصية مسيئة لاشعال حريق اجتماعي وسياسي.0
fahed.khitan@alarabalyawm.net