«حلوا معي هذه الأحجية» !!.
يكفيني كي أكون مؤيدا للتحالف المدني في نسخته الأردنية أن القيادي الإسلامي الشهير زكي بني ارشيد إنتصر
له ودان محاولات الوقوف ضده ووضع كل إمكانيات حزب الجبهة ومقراته تحت تصرفه.
يكفيني أن أكون مؤيدا للتيار الإسلامي أن القيادي في تيار التحالف المدني مروان المعشر رأى أن أي محاولات لانهاك جماعة الاخوان واضعافها مرفوضة ومدانة .
أنا في حيرة , لكن هذه هي الصورة التي أحب أن أراها في بلدي وئام ولا أحلى وإنسجام ولا أجمل , لما لا عل وعسى أن تطورا في المفاهيم والقناعات والمبادئ قد طرأ فجأة و وأخيراً ها هي التناقضات تلتقي لننعم فجأة بمجتمع يجلس فيه الإسلامي مع العلماني يقبل بعضهم بعضا لا تكفير ولا تجهيل، مواطنة متساوية حاضنة للتنوع ما دام الهم هو الوطن والهدف هو نهضته وحمايته وأمنه وتطوره.
اصابعي وأقول أنا مع الدولة المدنية وكاتب هذه الإستراحة من دعاتها على أنني أرى أنها هنا تذهب الى التكييف على مقاس الأمزجة والغايات والأشخاص وحتى السلطة , لا أريدها أن تكون قفزة في الهواء ولا أريد أن أكون مجبرا على تصديق نظرية المؤامرة فأقول أن رموزها ربما , وأكرر ربما يريدون الإلتفاف على دعاتها الأصليين , فقد أصبت فعلا بالنفور منها فهل هي هذه الغاية .
لا أختلف مع شعارات التحالف المدني الأنيقة لكنني لا أحب أن ارى نهايتها في إستعجال قطف الثمار بإستدعاء ضغوط خارجية أو عبر تحالفات مع النقيض أو تحفيز أخرى داخلية مثل إحتجاجات الدوار الرابع التي أعتبرها التيار عتبة لن يكون الأردن بعدها كما هو قبلها .
أشفق على عمر الرزاز , فهو علماني في نظر التيار الإسلامي وهو تقليدي يردد عبارات مدنية في نظر التيار المدني مع أنه واالله إصلاحي يؤمن بالدولة المدنية في حقيقتها ويؤمن بشعار التنوع تحت سقف واحد ويرفض مبدأ معي أو ضدي .. ..
يا سلام .. معي أو ضدي .. داهمني هذا العنوان وهو من حقبة جورج بوش الإبن وشكل شرارة إطلاق الحرب على الإرهاب وأنا أقلب مواقف التيارات السياسية القديمة والجديدة منها حيال الأوضاع الراهنة فرأيته فلسفة تتبعها كثير من التيارات السياسية هنا وفي أنحاء كثيرة من العالم ومنها إختلاق معركة مزعومة بين دعاة الديمقراطية وأبرز
محاورها الملكية الدستورية والمجتمع المدني وما صاحب ذلك من مشاريع إعلامية غير مفهومة , وخصومهم من الرجعيين المتمسكين بالنظام السياسي وفلول اليسار الإشتراكي وبقايا الشيوعيين والتيارات الدينية وفي المقدمة جماعة الإخوان المسلمين.
حاولت في الحقيقة أن أربط بين الدعوات الى دولة مدنية وما يقابلها من دعوات لإرساء حكم الشريعة بإعتبارها دين الدولة كما هو في نص الدستور , فلم أجد سوى رابط واحد وهو إستبدال سلطة تزعم هذه القوى تفردها بالقرار بسلطة أخرى ترفع شعار «معي أو ضدي « كما بدا ذلك في كل أدبياتها السياسية والإقتصادية والإجتماعية ولا
بأس لتحقيق هذا الهدف من التحالف مع الشيطان , فلا بأس من تحالف مرحلي وغزل متبادل لدعاة الإسلام السياسي الذين لا يرون في التيارات الأخرى سوى شياطين يريديون إبعاد الدين وإقصاء تياراته مع دعاة الدولة المدنية , يقابله دعوة لا ينقصها الإصرار الى شراكة مع الإخوان المسلمين أو إستبدال الحالة الاقصائية في العلاقة مع الاخوان بالحالة التشاركية على غرار التجربة التونسية , فيما ينأى هذا التيار بنفسه عن فكرة شيطنة الجماعة بشعار يقول أن الدولة المدنية مع الدين وليست ضده وهو في الحقيقة شعار لم أفهم كنهة ولا أهدافه وكيف قد يتسق مع مفهوم الدولة المدنية بعمقها العلماني كأحد أهم مبادئها اللهم إلا إن كانت الدولة المدنية كما يسوقها تيارنا الأردني هي إختراع جديد لم نألفه بعد يتجاوز كل النظريات المجربة وغير المجربة و وعلى ذات النسق مع ما يراه زعماء التيار المدني بضرورة التجريب والتجريب بفشل يتلوه فشل وصولا الى ستايل ناجح وهو إختراع أخر جديد , قد ينفع في تدريب
الحيوانات الأليفة على طريقة الرابطة بين وعاء الطعام والكلاب والجرس , في التعامل مع الشعوب .
فشل الربيع العربي في الأردن لم يرق لتيارات كثيرة , بعضها أثر التراجع , لكن بعضها ظل يكابر ويرفض فكرة النهاية وظلت رموزه تدق بمطرقة الربيع القادم فوق رؤوسنا ليل نهار في محاضرات ومقالات عبر صحف ومنابر تاهت بين الهويّة الوطنيّة والهويّة العابرة للقارات فيما سمي بمشروع نشر الديقراطية لكونداليزا رايس في إدارة جورج بوش الإبن نفسه صاحب شعار « معي أو ضدي» .
الرأي