في حوار هادئ بين مجموعة من امناء الاحزاب السياسية المؤتلفة في اطار الائتلاف الوطني و أركان وزارة الشؤون السياسية ممثلة بمعالي الوزير والأمين العام والمستشارين ومسؤولي دائرة الأحزاب السياسية ؛ كان هناك ضرورة للعودة إلى أصل المسألة بطريقة مبسطة وسهلة وتحظى بالتوافق، من أجل الانطلاق من القواعد المرجعية المتفق عليها نحو الفروع والقضايا التفصيلية والمسائل الاجتهادية والخلافية التي يكمن فيها الشيطان، حتى نقلل مساحة الأختلاف ويسهل علينا الذهاب إلى مدارات أخرى اكثر تقدما في مسيرة الاصلاح الوطني المستمر .
نحن على أبواب المؤية الثانية من عمر الدولة الأردنية الحديثة، وهذا يشعرنا جميعاً كأردنيين بالفخر والاعتزاز بمنجز
الدولة الاردنية ومؤسساتها واستقرارها إذا ما تمت المقارنة مع كثير من الدول والأقطار المجاورة، ولكن في الوقت نفسه يشعرنا جميعاً بعظم المهمة ومساحة المسؤولية في تحقيق الهدف الكبير المتمثل في انجاز بناء الدولة الأردنية الحديثة القوية والمستقرة والمزدهرة القادرة على تحقيق طموحات الشعب الأردني بالسعي نحو انجاز الدولة النموذج في المنطقة على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والتعليمية والتربوية والعسكرية والأمنية .
إذا أردنا ترجمة هذا الهدف العام الفضفاض إلى شكل من الصياغة المحددة القابلة للفهم والتطبيق والتحقيق فيمكن إعادة الصياغة على النحو الأتي :السعي نحو إيجاد ملكية أردنية دستورية تقترب من الملكيات الدستورية الناجحة في العالم، والتي تقوم على مبدأ تشكيل الحكومات من خلال الانتخابات العامة بين الأحزاب والكتل السياسية التي تملك برامج شاملة لإدارة الدولة تحت مظلة الملك، وهذا ما تمت الاشارة الواضحة اليه في الأوراق النقاشية الملكية .
ما يحول دون تحقيق هذ الهدف على النحو هو ضعف الحالة الحزبية لدينا، لأن الثقافة الشعبية الواسعة حتى الأن لم تصل إلى دفع الناس والشباب نحو الانخراط في الأحزاب السياسية القائمة، ولم تصل بعد إلى ثقافة الانتخاب على البرنامج السياسي، ولم تصل بعد إلى ترسيخ ثقافة المفاضلة بين الكفاءات المتقدمة للمواقع التمثيلية، بعيداً عن الانتماءات الجهوية الضيقة، وأمام هذا الواقع لابد من التعاون الوثيق بين مؤسسات الدولة والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني على ضرورة اصلاح هذا الواقع وضرورة بناء الأطر السياسية القادرة على تمثيل الشعب الأردني تمثيلاً صحيحاً من خلال أنماط جديدة من الأحزاب الوطنية التي تعمل تحت مظلة القانون والدستور، وتكون جزءاً أصيلاً من الدولة، وأن لا تكون أجساماً مناوئة للدولة، وان لا تنتمي إلى خارج الدولة فكراً وتنظيماً وتمويلاً وانتماءً وولاءً .
إذا تم التوافق على هذه المقدمات ننتقل إلى تحديد الهدف الأكبر والأكثر أولوية لدى الوزارة هو كيف نعمل على إيجاد الأحزاب السياسية الفاعلة، وما هي سبل النجاح لجعلها أطراً سياسية جاذبة لكل المهتمين بالشأن السياسي رجالاً ونساءً وشيباً وشباباً، بحيث تصبح هي الطريق المعتمد للوصول إلى السلطة والمشاركة فيها وتطبيق برامجها السياسية المعلنة، وتصبح هي الطريق المعتمد لتشكيل الحكومة واختيار الفريق الوزراي الذي يتحمل مسؤولية إدارة شؤون الدولة لمدة زمنية محددة قابلة للتقويم والاستبدال، تحت مظلة الملكية الهاشمية التي لا خلاف عليها، وكما يجري في أغلب الدول المتقدمة على الصعيد الديمقراطي والاستقرار السياسي والازدهار الاقتصادي الناجح.
الدستور