لماذا تفشل الأمم المتحدة في المشهد العربي؟
أ.د عمر الحضرمي
08-08-2018 01:10 AM
بعد أن وضعت الحرب الكونية الثانية أوزارها، وبعد أن تكبَّدت البشرية الملايين من الضحايا، وبعد أن سُوّيت حضارات وثقافات وشواهد تاريخ، بالأرض، وبعد أن امتلأت أرجاء الدنيا يُتْماً وثُكْلا وتشويهاً، أدركنا أن ذلك كله كان بسبب الصراع الدولي الذي فجرّته عدوانيّة الغَرْبَيْن؛ الأوروبي والأميركي، اللذين دأبا على ممارسة العدوان والقتل والتدمير تجاه نفسيهما وتجاه الآخرين.
بعد هذا كله تعبت هذه الدول من جرائمها، ومن دفن قتلاها، فذهبت، جهتا العالم الشّرستان، نحو البحث عن صيغة
صلح، رغم فشل ما كان من عهد عصبة الأمم. وقالت هذه الدول في ديباجة ميثاق المنظمة الدولية الجديدة: إنها ساعية نحو تحقيق الأمن والسلم العالميين. وهذا، كما أكدت كل التجارب والممارسات الدولية، هو كذب بَوَاح، لأن تحقيق الأمن والسلم الدوليين لا ينسجمان، كما لا يتعارضان مع شهوة السيطرة التي أبدتها دول الغَرْبَيْن التي ذكرنا، وأول ذلك ما شهدناه بعد أن خلقت هذه الدول أسوأ مشروعين استعماريين في الوطن العربي، إن لم يكن في الشرق الأوسط كله، هما مشروع التجزئة، ومشروع إنشاء الكيان الصهيوني.
ويقول شاهد آخر على تعثّر الأمم المتحدة حيال القضية العربية: بدأت مسيرة المبعوثين الأممين الفاشلة مع الحرب اللبنانية ثم تكررت في السودان والعراق والصومال ثم ليبيا فسوريا ثم اليمن، حيث أثبتت السنوات الماضية التي أعقبت
حركات الاحتجاجات العربية (الربيع العربي) فشلاً معلناً وآخر ضمنياً للمبعوثين الأمميين، مما دفع نحو ثورة تساؤل كبيرة بحثاُ عن أسباب ذلك الفشل الذي يبدو مستحيل التلافي.
وفي ولوج طرف الحديث الليبي، نسمع كثيراً من الأطراف الليبية (وهم صادقون إلى حد كبير) يقولون: إن ارتفاع مستوى العنف في بلدهم كان بسبب سياسة "المبعوث الأممي" ومبادراته.
وعلى واجهة اليمن لم ينجح المبعوثون الثلاثة إلى اليوم في إيجاد مخرج لهذه الأزمة الممتدة إلى قادم طويل من الأيام، حتى أن البعض من أهالي اليمن بدأوا يتندرون بأن ملف اليمن هو "لغز يحتاج فكّه إلى مارد علاء الدين وفانوسه السحري".
أما في سوريا فالعجب أكبر حيث جاءها من المبعوثين الأمميين من خلفيّة بارزة في العالم؛ منهم مثلاً الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان وقبله الدابي وبعده الإبراهيمي وآخرهم دي مستورا. كلهم فشلوا في أن يضعوا يدهم على الجرح.
يكبر السؤال كل يوم، هل القضية العربيّة "منحوسة" أمميّاً، أم أن الهيئة الدولية "محبوسة" في جيوب أصحاب المصالح الكبرى في الدول العظمى.
ohhadrami@hotmail.com
الرأي