هل تملك السلطات المختصة اصدار النشرة الحمراء بحق مطيع؟؟؟
المحامي اسامة البيطار
07-08-2018 11:31 PM
بادئ ذي بدء فان الانتربول الدولي او المنظمة الدولية للشرطة الجنائية ومختصرها
I.C.P.O هي منظمه دولية مقرها في فرنسا، و من الأجهزة التابعة لمنظمة الأمم المتحدة وتعمل تحت رعايتها وإشرافها، والاردن من الاعضاء المؤسسين، والمختصر الشائع لها هو البوليس الدولي او الشرطة الدولية (International Police)او ما يطلق عليه (Interpol)،وتصف المنظمة نفسها بالحياد دائما وانها ذات ولاية فريدة من نوعها الا وهي منع الجريمة ومكافحتها من خلال تعزيز التعاون الشرطي الدولي ، ولما اصبحت الجريمة والمجرمين عابرين للدول نتيجة سهولة الاتصالات والمواصلات ولتطور الجماعات والمجتمعات الانسانية فانه من الطبيعي ان تتجه الدول لابرام مثل هذا النوع من الاتفاقيات الدولية لتسهيل تسليم المجرمين الى الدول التي حصلت فيها الجريمة او انتهك بها القانون، ومعيار التسليم او اصدار مذكرة البحث او النشرة الحمراء وغيرها من المذكرات او النشرات ذات الالوان المختلفه هو المادة الثالثة من القانون الاساسي للانتربول والتي نصت على :
(( يحظر على المنظمة حظرا باتا ان تنشط او تتدخل في مسائل او شؤون ذات طابع سياسي او عسكري او ديني او عنصري ))ومرجع هذه المادة الخطيرة هو ضمان استقلالية الانتربول وحياده والتماشي مع القانون الدولي لتسليم المجرمين ، بمعنى اخر ان عدا ما ذكر في هذه المادة هو خاضع للتعاون من قبل الشرطة الدولية (الانتربول ) ، وفي حالة المدعو عوني مطيع فان الجريمة المسنده اليه هو ارتكاب جرائم اقتصادية ، وملخص القضية انه..."ومنذ عام 2004 يمارس انشطة غير شرعية على اراضي الاردن تتمثل في التصنيع المغشوش للسجائر والتهريب بطريقة غير شرعية للسوق المحلي وغيرها من الجرائم حسب الوصف الاتهامي الوارد بالمذكرة وكذلك رسوم وغرامات جمركية لصالح خزينة الدولة تقدر ب مائة وسبعه وسبعون مليون دينار اردني لغاية 2014 .."، وبما ان هذه الجريمة ليست من الجرائم الواردة ضمن المادة (3) من القانون الاساسي للانتربول فان اصدارها ومن ثم قبولها من الشرطة الدولية يبدولي صحيحا لان جرائمه اقتصادية وليست ذات طابع سياسي او ديني او عسكري او عنصري مع الاشارة الى ان الانتربول ليس جهاز شرطي بالمعنى الحرفي للكلمه وليس لديه كوادر شرطيه او اقتحامية او تدخل سريع، كما هو شائع بين الناس!! وانما هو جهاز شرطي دولي (خدماتي –معلوماتي ) يعمل على المساعدة على ضبط ومنع الجريمة وتقديم البيانات وخدمات الاتصال الشرطي، وبيانات ميدانية امنه وسريعه مقابل خدمات مرتبطة بالعمل الشرطي حول العالم للدول الاعضاء والتي بلغت 192 دولة حتى الان ، وبمراجعه الانظمه الخاصة بالانتربول فانه يصدر سبعة أنواع من النشرات الدولية ولكل نوع لون يميزه عن الآخر، ويصدر لغرض يختلف عن غيره، وتتمثل هذه الأنواع بالاتي:
أولا: النشرة الحمراء – وتصدر لطلب توقيف شخص يجري البحث عنه أو احتجازه بشكل مؤقت، تمهيداً لتسليمه استناداً إلى مذكرة توقيف.
ثانيا: النشرة الزرقاء – وتصدر لجمع معلومات إضافية عن هوية شخص أو نشاطاته غير المشروعة في سياق قضية جنائية.
ثالثا: النشرة الخضراء – وتصدر للتزويد بتحذيرات ومواد استخبار جنائي، بشأن أشخاص ارتكبوا جرائم جنائية، ويرجح ارتكابهم جرائم مماثلة في بلدان أخرى.
رابعا: النشرة الصفراء – للمساعدة على تحديد مكان أشخاص مفقودين، لاسيما القاصرين، أو على تبين هوية أشخاص عاجزين عن التعريف بأنفسهم.
خامسا: النشرة السوداء – وتصدر لتحذير الشرطة والهيئات العامة والمنظمات الدولية، من مواد خطرة أو أحداث أو أعمال إجرامية، يمكن أن تمثل خطرا على سلامة الجمهور.
سادساً- النشرة البرتقالية – وتصدر للتزويد بتحذيرات ومعلومات استخبار جنائي.
سابعا: النشرة الخاصة بالانتربول – مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة – لتنبيه الشرطة إلى مجموعات وأشخاص خاضعين للجزاءات التي تفرضها الأمم المتحدة على تنظيم القاعدة وحركة طالبان.
اما المذكرة الصادرة بحق المدعو عوني مطيع فهي النشرة الحمراء والتي تتطلب توقيفه واحتجازه تمهيدا لتسليمه للاردن لتجري محاكمته حسب الاصول ..
والاسئلة المطروحة والمتداولة ومحل النقاش هل يجوز لمحكمة امن الدولة اصدار هذا النوع من المذكرات؟ -على اعتبار ان هذه المحكمة محكمة خاصة وعسكرية ولا يجوز محاكمة المدنيين امامها – كما يطالب عشرات الحقوقيين والمحامين المحترفين ! ومن جهه اخرى ما موقف الاتفاقيات الدولية سواء الثنائية او الجماعية مثل اتفاقية الرياض العربية للتعاون القضائي وما موقف محكمة التمييز الاردنية السلطة القضائية الاعلى بخصوص التسليم وشروطه ؟
اولا : طالما ان الانتربول غير معني بالجهه القضائية التي اصدرت المذكرةوليست من المسائل ذات الطابع السياسي او العسكري او الديني او العنصري كما سبق وبيناهفانه يجوز من حيث المبدأ اصدار هذا النوع من النشرات كونها جريمة اقتصادية ،مع الملاحظة للنظام الاساسي للانتربول انه ليست جهه قضائية مكلفة بمراقبة صحة الاحكام من عدمها بقدر ما هي جهه دولية شرطية مكلفة بالخدمات والمهام التي انيطت بها على وجه التحديد .
ثانيا :- في حالة الاتفاقيات الثنائية بين دولتين فانه يجري تبادل وتسليم المجرمين وفقا لهذه الاتفاقية ،وفي حالة لم يوجد اتفاقية ثنائية وكان المدعو مطيع في دولة عربية كما هو متداول فان اتفاقية الرياض للتعاون القضائي وتعديلاته لسنه 1983 هي المطبقه ويتم مراعاه المادة (42) التي نصت :
يقدم طلب التسليم كتابة من الجهة المختصة لدى الطرف المتعاقد طالب التسليم الى الجهة المختصة لدى الطرف المتعاقد المطلوب اليه التسليم ويجب ان يرفق الطلب بما ياتي: أ...ب...ج....
ثالثا :- بمراجعه موقف محكمة التمييز الاردنية في العشرات من القرارات فقد لاحظت تأكيدها المستمر والدائم على شروط صحة التسليموخصت بالذكر المادة 11 من قانون تسليم المجرمين الفارين لسنه 1927 ...تحت اعتبار التسليم غير قانوني في حال عدم توافر الشروط القانونية .لذا ينبغي التحوط لهذه المسألة القانوينه جديرة البحث والتدقيق .
وأخيرا؛فان اتخاذ الحكومة هذا الاجراء يجب ان يؤخذ على محمل العدالة ومنتهى التقدير من ولا يمنع ذلك من استمرار الحكومة بمثل هذه الجدية في قضايا اخرى سبق وان صدر مذكرات جلب عن طريق الانتربول بحق مجرمين آخرين أجرموا بحق الوطن وهم فارين عن العدالة حتى هذا اليوم ...