جرس إنذار من قطاع الشباب!!
جميل النمري
24-05-2009 04:31 AM
كنت أعلم منذ بعض الوقت عن دراسة مسحية على الشباب نفذت لصالح الحكومة وليس للنشر، لكن الزميل لقمان إسكندر من "العرب اليوم" حصل عليها ولا أدري إذا كان ما نشره هو كل النتائج لكن ما نشر يكفي لقرع جرس الإنذار وإعلان الاستنفار.
الأمور ليست بخير أبدا. ولنبدأ من سؤال الانتماء والهويّة، إن نسبة 31% فقط أجابوا أن هويتهم أردنية، ويمكن أن نعيد ذلك الى أن الهويات الوطنية في الإطار العربي مازالت لم تترسخ بصورة كاملة لكن من أجاب بتعريف هويته كعربي لم يتجاوز 7,3%، بل إن من حدّد هويته بالانتماء المحلي - الجهوي بلغت 8,1% وبالعشيرة 7,6%، وهذا التشظي في تحديد الهويّة الأساسية ليس بالأمر المطمئن أبدا، ولو سألنا شابا فرنسيا أن يحدد انتماءه (هويته), فمن المؤكد أنه سيقول إنه في المقام الأول فرنسي.
أمّا أردنيا فها نحن نكتشف رغم أنف أغاني إذاعة فنّ اف ام الصباحية مع الوكيل أن أقلّ من ثلث الشباب الأردنيين يعرفون أنفسهم بهذه الصفة، ويمكن البحث عن القضية في طبيعة التكوين الديمغرافي فنصف المستطلعين على الأرجح في العينة الوطنية هم من أصول فلسطينية لكن ما نشر عن الاستطلاع لا ينير لنا شيئا عن هذا الافتراض ولا نستطيع علميا وواقعيا ترجيح أي فرضية غير ما تقوله الأرقام المعلنة.
حصلت الهوية الإسلامية على المقام الأول بنسبة بلغت 34% وتقديمها على الهوية الوطنية ليس بالظاهرة الصحيّة لكنها ليست نسبة مفاجئة أو عالية في ظلّ موجة التدين الواسع حيث إن نسبة 90% من الشباب قالوا إنهم يؤدّون الصلاة والشعائر الدينية بانتظام. لكن المصيبة هنا أن هذا التدين يتصل بالمعتقدات والطقوس ولا ينعكس إيجابيا على السلوك العملي للشباب، السلوك القويم والمواطنة الصالحة، فقد أقرت نسبة 50% بخرق القانون إذا كانت المصلحة العائلية في ذلك, ونفس النسبة أقرت أنها نادرا ما تلتزم بالقانون ويهمها تحقيق النجاح الشخصي بغض النظر عن الوسائل المتبعة.
ويرتبط ذلك بالإحباط وقلة الاهتمام بالشأن العام والمصلحة العامّة، ونسبة 68,2% لا تشعر أن إحراز تقدم في الحياة يعتمد على المجهود الشخصي بل خلفياتهم الأسرية ومكانتها في المجتمع، ونسبة 71% يشعرون أنهم غير قادرين على المساهمة في كثير من قضايا المجتمع والتعبير عن أنفسهم بحرية. وهناك نسبة متدنية تشارك في الهيئات التطوعية والمؤسسات والأندية.
وظهر أن نسبة 9,2% تعاطوا المخدرات والعقاقير المخدرة وعلى فترات متباعدة كذلك الكحول بنسبة 15%، وقد تعرض 8% الى شكل من أشكال العنف خلال السنة الماضية. هذه عيّنة من النتائج وهي تحدث عن نفسها وتقول الى أي مدى نجحنا حتّى الآن مع الأجيال الشابّة وهي مستقبلنا وموضوع رهاننا للسنوات المقبلة. والنتائج تحت نظر الحكومة، لكنها ليست قضية الحكومة فقط إنها قضية الدولة كلها والاستخلاصات التي سنضعها وما يترتب عليها من خطط وبرامج لا يجوز أن تكون منوطة بالحكومة فقط بل يجب ضمان أن الخطط عابرة للحكومات لا تطوى أو تتغير من حكومة إلى أخرى وللحديث صلة.
jamil.nimri@alghad.jo