التربية الإعلامية كمشروع دفاعي تمكيني ..
سليمان الطعاني
07-08-2018 11:39 AM
لا شك أننا أصبحنا نعيش في ظل واقع إعلامي جديد محاصر بكم هائل من الرسائل الاعلامية ليل نهار والتي تتفق في بعضها مع قيمه وأخلاقياته وثقافته ولكنها في الجانب الأكبر منها تقدم مضامين ومعلومات وصورا مشوهة من جانب بعض الجهات أو الهيئات أو الافراد مما يجعل الفضائيات والإنترنت وسائل اتصالية خطيرة في تزييف الواقع الخاص بشعب من الشعوب في العالم،
والمتابع لهذه الرسائل يلحظ تشويها متعمدا لكثير من الدول والشعوب والثقافات والأديان والتاريخ وغيرها مما يؤدي إلى نقل معلومات مضللة أو مشوهة إلى الجمهور، وفضلا عن ذلك ما تروجه هذه الوسائل من مضامين إباحية من خلال تطبيقات فيس بوك وغيرها يمكن أن تسهم في تدمير منظومة القيم التربوية والاخلاقية عند الشباب والمراهقين والأطفال.
وفي إطار هذا الواقع الثقافي الجديد بإيجابياته وسلبياته والذي أفرزته لنا تكنولوجيا الاتصال الحديثة يكون من الضروري أن نفكر في الاسلوب المناسب الذي يحمي الاجيال الجديدة من الشباب والمراهقين والاطفال من التأثيرات السلبية للرسائل الضخمة المنقولة عبر الفضائيات والإنترنت، ومن هنا أصبح من الضروري ان نهتم بنشر وتعليم مبادئ التربية الاعلامية كضرورة ملحّة ضمن رؤية وطنية تدعمها إرادة سياسية ويتم ترجمتها إلى خطط وسياسات استراتيجية ومناهج دراسية في المدارس والجامعات، وكمشروع دفاعي يهدف الى حماية النشء من التضليل الاعلامي والسلبية والنمطية والاباحية، وتمكينه من حرية الانتقاء والاختيار والنقد، وكمشروع تمكيني يهدف الى اعداد الافراد لفهم الثقافة الإعلامية التي تحيط بهم وتمكينهم من حسن الاختيار والانتقاء منها وتعلم كيفية التعامل معها والمشاركة فيها بصورة فاعلة وهي بذلك تعد ثورة جديدة في مجال الإعلام والاتصال، تضع أسس التعامل مع الرسائل التي يتعرض لها الجمهور على مدى اليوم من خلال وسائل الاعلام والتواصل المختلفة، ولقد حرصت منظمة اليونسكو في اطار مسئولياتها الثقافية على نشر وتعليم مبادئ التربية الإعلامية. سعيا منها لتطوير قدرات الإنسان، ومساعدته على جودة استخدام وسائل الإعلام، وتشكيل ثقافة التفاعل مع تلك الوسائل، وتنمية المهارات الابتكارية والاتصالية والتفكير الناقد والاستقبال والتفسير والتحليل وتقييم النصوص الإعلامية وتعليمه جميع صور التعبير الذاتي باستخدام تكنولوجيا الإعلام. بهدف إكساب النشء القدرة على بناء المعنى الشخصي والحكم الشخصي على الرموز البصرية واللفظية المستمدة يومياً من وسائل الإعلام التقليدية والرقمية والنظر اليها أكثر من مجرد تفسير المعلومات، النظر اليها على أنها عملية بصرية تُنمي مبادئ المُشاهدة الواعية، وعملية عقلية تُعزز التفكير السليم والفهم الصحيح والنقد البنّاء لما يتلقاه الشباب من مضامين ظاهرة ومضامين خفية خبيثة.