واقع الإدارة الأردنية: "الإدارة بالأضعف"
د.فيصل نايف الماضي
07-08-2018 11:38 AM
لقد حقق الأردن والأردنيون انجازات عظيمه في مجال الإدارة خلال حقبة زمنية بسيطه من عمر الدوله وهذا مدعاة للمفخره والتفاخر.
فقد استطاع الأردن ان يصدر الكثير من الكفاءات الى كل دول العالم وخاصة الدول العربيه الشقيقه. وقد حقق الأردنيون انجازات هائله كانت محط اعجاب الكثيرين على مستوى العالم. لكن وما حصل بعد ذلك وبكل أسف بأننا لم نستطع المحافظة على ما حققننا رغم امتلاكنا لكل مقومات التقدم والازهار. وكشخص متخصص في إدارة الجوده فقد اصبحت عملية التقييم تلازمني وعن غير قصد لكل مكان ادخل اليه سواء كان ذلك مؤسسة حكوميه ام خاصه وبعد خبرة في مجال تخصصي وبتعاملي مع مؤسسات القطاع العام والخاص فقد خلصت الى ان سمات الإداره الاردنيه تتمثل بما يلي:
اولا: مستوى أداء الافراد في مؤسساتنا منخفض جدا وهذا يعني بأن موظفينا وخاصة في القطاع الحكومي لو اتيح لهم ان يتقاضوا مرتباتهم وهم في منازلهم لما كان لديهم اي مانع. والشواهد والادله على ذلك كثيره ولا تخفى على كل صاحب ضمير حي من المسؤولين.
ثانيا: وجود ما يسمى بالبطالة المقنعه والحموله الزائده التي تعاني منها كثير من مؤسسات القطاع العام حيث اثر سلبا على انتاجية الافراد فيها وبالتالي على انتاجيتها. وللتدليل على ذلك فالكل في الاردن يعرف ان هنالك موظفين في القطاع العام وخاصة في البلديات لا يعرفون الا الطريق الى الصراف الآلي في نهايه الشهر لأستلام رواتبهم دون معرفة حتى لأسم رؤسائهم المباشرين في العمل.
ثالثا: ان ابسط المبادئ الاداريه تقتضي بأن نضع الشخص المناسب في المكان المناسب عند الحاجة للتعيين. وبكل اسف فان هذا المبدأ مغيب بالكامل في الاداره الاردنيه وان المتعارف عليه بأن الواسطه والمحسوبيه -التي نسجل فيها ارقام عاليه لدرجه اننا يمكن ان ندخل بها موسوعة جينيس -هي سبب دمار مؤسساتنا في القطاع العام.
ولمن يشكك في هذه المعلومه فما عليه الا الاطلاع على اسماء الموظفين في كثير من المؤسسات ليتعرف على المكون الديمغرافي والجغرافي لهذه المؤسسات.
رابعا: ان المتتبع لنمط الاداره الاردنيه يلاحظ تبني مفهوم "الاداره بالأضعف" وهذا يعني بأن يقوم الشخص المتربع على قمة الهرم الاداري بأختيار الاشخاص الاضعف من حوله لكي يبقى هو سيد الموقف والمسيطر على طاقمه بسبب ضعفهم وهذا وبكل اسف ما هو سائد في معظم مؤسساتنا اذ يتم اقصاء اصحاب الكفاءة والاهليه والمقدره لكي لا يفضح ضعف من وقع عليه الخيار ليتبوء موقع الصداره في المؤسسه.
خامسا: ان الزائر لأي مؤسسة قطاع عام لن يجد معاناه كبيره في استنتاج ان مستوى الولاء لمكان العمل من قبل الغالبيه العظمى من موظفي القطاع العام يكاد ان يكون صفرا. فموطف القطاع العام وخاصة منهم من يمتلك سلطة اتخاذ القرار يعتبر انه قادم لشركه وما عليه الا تحقيق اكبر قدر من المكاسب حتى وان كان ذلك بطريقة غير مشروعه.
وما اكتشاف حالات السرقة والاختلاس وأساءة استخدام السلطه التي نسمع ونقرأ عنها الا خير دليل على ذلك.
ومرة اخرى فلمن يشكك في ذلك فما عليه الا الرجوع لسجلات هيئة مكافحة الفساد وملفات المحاكم مع ضرورة التنبيه الى ان هناك كثير من الحالات التي لم تكتشف بعد او تم اكتشافها وتم التستر عليها لأن فيها مساس بأصحاب ذوات في المجتمع الاردني.
واخيرا: سأكتفي بذلك واقول بأن كل ما ذكر سابقا يتعارض مع كل المفاهيم الاداريه الحديثه وخصوصا ما يسمى بالتميز وادارة الجوده الشامله وهي التي اوصلت الدول التي تبنتها الى مستويات اداريه متقدمه جدا. لذا فانه يمكن القول بأنه قد آن الآوان لأن تطبق مقولة جلالة الملك في حديثه لمجلس الوزراء قبل يومين "بكفي خلص بدنا نمشي للأمام" وأن نضع نقطه في اخر سطر الفساد الاداري المستشري والمتغلغل في مؤسساتنا وان نبدأ بأصلاح منظومتنا الاداريه كي نعود لعهد كنا نتغنى فيه بجهازنا الاداري في يوم ما.
حمى الله اردننا بقيادته الحكيمه وبهمة الشرفاء من ابناءه
د.فيصل نايف الماضي/استاذ ادارة الجودة المشارك الجامعة الهاشمية