باب المسؤول المفتوح عمل غير مؤسسي
د. عاكف الزعبي
07-08-2018 11:12 AM
من منّا لم يخدعه الشعار الذي يطلب من المسؤول الأول في المؤسسة ان يفتح بابه لكل طارق له ؟ نسبة لا تكاد تذكر من لم ينطلِ عليهم هذا الشعار الشعبوي وهم الذين ادركوا خطورته لدوره في بث المزيد من عوامل الضعف في البنية المؤسسية والاداء المؤسسي لمؤسسات الحكومه .
البديل العلمي الافضل لشعار الباب المفتوح هو تعزيز المفاهيم المؤسسية في عمل مؤسساتنا . فمن شأن مأسسة أداء العمل فيها ان يجعل من كل موظف في المؤسسة المرجعية الموثوقة لكل مهمة من المهام الموكولة اليه والمسؤول الفعلي عن تقديم الاجابة النهائية عما يقع ضمن اختصاصه من اعمال فلا يحتاج المراجع لطرق باب غيره بمن فيهم المسؤول الاول في المؤسسه.
الباب المفتوح للمسؤول بصورته الشعبوية شجعت المراجع لمركز المؤسسة إما ان يحمل نفسه الى مكتب المسؤول الاول مباشرة من غير التزام بتسلسل تراتبية المسؤولين ، أو ان ينفذ مع سبق الاصرار سلسلة من الخطوات تبدأ بادنى موظف مختص في المؤسسة مروراً بجميع موظفي التسلسل الاداري وصولاً الى المسؤول الأول في المؤسسة على أمل ان يستمع من احدهم ما يرضيه وما يرغب ان يسمعه .
في زيارات العمل لثلاث من الدول العربية الشقيقة كان يلفت نظري خلو مكاتب وزراء الزراعة فيها من المراجعين الافراد. وكفاني الجواب من احدهم الذي أفادني بان مديرية الوزارة في المحافظة مفوضة بالفيام بمعظم مهام الوزاره ، وهي تعمل ضمن مجلس للمحافظة يضم كافة مديريات الوزارات فيها ويرأسه المحافظ . وعندما سألته عما اذا كان ممثلو الشعب يقومون بمراجعته اجاب بالنفي واعلمني انه هو من يذهب الى اللجنة الزراعية في مجلس الشعب كلما طلبوا منه ذلك .
شعار الباب المفتوح بصورته الشعبوية بمعنى استقبال المسؤول الاول للمؤسسة وزارة كانت او غيرها للمراجعين وقت شاؤوا تحول الى عائق امام تطوير ادارة المؤسسات ومأسسة ادائها . كما ان الامعان في الدعوة له لم يعد يليق بدولة عصرية وادارة حصيفة توزع مهامها وتحترم ادوار واختصاصات موظفيها .
في حالة الوزارة مثلاً ليس مطلوباً من الوزير ان يستقبل المراجعين الافراد الاّ في حالات مبرره وبموعد مسبق . لان الأولوية في لقاءاته هي لممثلي المؤسسات الاهليه ، واعضاء مجلس الامه ، والمستثمرين ، واصحاب الاعمال من مصدرين ومستوردين ،وممثلي الشركات المحلية والاجنبية، والسفراء ، وممثلي الصحافة والاعلام . اما لقاءته المفتوحه مع المواطنين فمكانها زياراته الميدانيه.
من جرب من الوزراء تخصيص ساعات محددة لاستقبال المراجعين جاءه المئات ممن كانت اغلب طلباتهم سعياً للتوظيف او للمساعدة عند مسؤولين آخرين او خارج اختصاص ومسؤوليات الوزاره او مخالفة للتشريعات . واصبحت التجربة مضيعة للوقت وفسحة لطلبات التوسط الشخصي. وقد انتهت جميع تجاربهم الى التوقف .