العيسوي والدَّباس والبادية وأشياء أخرى .. !!
د.طلال طلب الشرفات
07-08-2018 03:51 AM
زيارة رئيس الديوان الملكي الهاشمي العامر ومدير مكتب جلالة الملك المعظم الى البادية الشمالية ولقاء شيوخ العشائر؛ يشكل خطوة في الاتجاه الصحيح سيتبعها بالتأكيد لقاءات أخرى مع نواب وأعيان المنطقة، والفعاليات الفكرية، والعلمية، والهيئات، والمجالس، والبلديات المنتخبة، ومؤسسات المجتمع المدني وقواه الحيَّة، ويُؤشر أنَّ ثمَّة تعزيز لنهج الديوان الملكي في التعاطي، والتواصل مع الأردنيين في شتى مواقعهم، وينبئ أن المعادلة الوطنية لا يمكن ان تخلو اسهامات ابناء البادية في التنمية والبناء كما هي دوماً منذ باكورة التأسيس.
لأبناء البادية مع البيت الهاشمي بيت كل الأردنيين حكاية عشق، ورواية تحكي كل تجليات الولاء للعرش والأنتماء للثرى الأردني الأصيل، وتواصل بطابع واسلوب خاص، وفهم لا يدركه الأ اطراف العلاقة من ابناء البادية ومؤسسة العرش، فمنذ تأسيس الدولة وحتى يومنا هذا وخدمات البادية ورعاية شؤونها كانت وحتى عهد قريب؛ تدار من الديوان الملكي مباشرة ويجري فيها التنسيق مع الحكومة لأن المسافة النفسية والعاطفية بين الديوان الملكي وأبناء البادية أقرب بكثير من الحكومة التي تحتاج إلى فهم وأسلوب خاص في إدارة الحوار وتلبية الشأن.
التوجيهات الملكيّة الساميّة باديَّة بشكل واضح في تواصل رئيس الديوان الملكي ومدير مكتب جلالة الملك مع البادية وأبنائها، ومن حسن حظنا ان الرجلين يتمتعان بسعة أفق ودماثة خلق، وأناة، والتزام دقيق بمضامين التوجيهات الملكية بعيداً عن تلافيف السياسة، وقوى الضغط والشد العكسي، ومهارات النخب في إدارة المشهد الاجتماعي والسياسي بالإسلوب القديم الذي لم يعد مقبولاً في وقتنا الحاضر، فالسمة البارزة لعمل الأثتين ان كليهما لا يمكن ان ينحازا الا للحقيقة وبما يخدم المصلحة الوطنية والرؤى الملكية السامية، وفي ظني انهما يشكلان حلقة امينة بين القيادة والحكومة وابناء البادية في توصيف وتوظيف العلاقة الاصيلة بكل تجلياتها ومتطلباتها الانسانية والتنموية .
بصراحة، ودون ان يغضب صديقي المستضيف، كنتُ أتمنى أنْ تكون الفئة المستهدفة بالحضور أكثر شمولية، وأكثر تمثيلاً لقطاعات المجتمع، وخاصة المنتخبة منها كالنواب وأعضاء مجلس المحافظة، ورؤساء البلديات، سيّما وأن العلاقة التشاركية ما بين شيوخ العشائر، والهيئات المنتخبة في البادية هي وحدها الكفيلة بدفع عجلة التنمية إلى الأمام، إلاَّ إذا كانت الزيارة بروتوكولية وشخصية لمستضيف الزيارة وعندها أضحى كل ما قلناه في إطار الأمنيات العتيقة التي رافقت العلاقة الملتبسة أصلاً ما بين القيادات التقليدية المتمثلة في شيوخ العشائر، والقوى الفكرية والعلمية ومنظمات المجتمع المدني، والهيئات المنتخبة في مجتمع البادية.
لا اظن أن هناك مطلب لدى أبناء البادية أهم من فتح الدوائر الانتخابية وإلغاء حالة العزل العرقي عن باقي قطاعات المجتمع الاردني؛ والتي أرهقت السلوك السياسي والاجتماعي للنخب في البادية، وألغت حالة التلاقح الثقافي والسياسي المفترض حتى مع أقرب الناس في قصبة مدينة المفرق، إذ لا يعقل أن تبقى الحالة السياسية الباهتة لأبناء البادية في هذا الوجوم المطبق، ويبقى الانعزال عن باقي قطاعات الشعب ميزة قسرية لم تقنعنا وأضحينا نتجرعها قسراً لأننا لا نملك لها دفعً.
المقاربة المقلقة والمزعجة بين السلوك السياسي الحزبي، والسلوك العشائري مقاربة مستحيلة، ومربكة، ومرتبكة، وتثير جملة من التساؤلات المرعبة حول مدى الانحياز الفعلي إلى أي من كلا الصورتين؛ عندما يشغل شيخ العشيرة موقعاً حزبياً متقدماً، وهل يختار الإرث العشائري وأقرانه من شيوخ العشائر، أم ينحاز للتمثيل الديمقراطي الشعبي، وللمؤسسات والهيئات المنتخبة، وهل يمكن مع هذا الارتباك في المشهد الأجتماعي ان نحدد مفهوم منصف للسلوك السياسي بل ربما والاجتماعي أيضاً، فتأطير العلاقة تحتاج الى فهم وأحترام مشترك للأدوار الأجتماعية والسياسية لأبناء البادية بكل فئاتهم الاجتماعية والسياسية والفكرية، وهذه الادوار يجب ان تكون جزء لا يتجزأ من الاسهام الوطني في بناء الدولة، وحمى الله وطننا الحبيب وقائدنا المفدى ...!!!