بين الأحزاب والاعلام .. عتاب وملامة
د. فيصل غرايبة
07-08-2018 12:34 AM
دعت ندوات عديدة لدعم النشاط الحزبي، فيما بينت أيضا تقصير الأحزاب والعزوف عنها. حتى أضحت مجالا حيويا لتبادل العتاب حينا او توجيه اللوم حينا آخر حول موقف الأطراف المعنية بمعادلات العمل السياسي برمته والتي تتمثل بدور وزارة الشؤون السياسية والبرلمانية ودور الاعلام الرسمي والخاص والاحزاب والمجتمع المدني عموما.
تعاتب الاحزاب وسائل الاعلام العامة على عدم اهتمامها بالعمل الحزبي وعدم متابعتها للنشاط الحزبي، اذ لا تنشر اخبارا عن تلك الأحزاب ولا تحضر الوسائل الاعلامية لمقراتها في مناسباتها ونشاطاتها،ويرد الاعلام على هذا العتاب بتوضيح حقيقة دوره الذي يلخصه بمتابعة المشهد ليصوره وينقله للجمهور، وليسجل الأقوال في حين التحدث بها ويبثها كما هي، فالاعلام لا يصنع الحدث بل ينقله، بمعنى أن من يغيب عن المشهد لايبحث عنه الاعلام ولايلومن الانفسه، وهذا الكلام صحيح جزئيا ولكن تسأل الاحزاب الاعلام في هذه الجزئية هل يقبل على مختلف الاحزاب وعلى جميع الأحداث الحزبية ليسجلها وينقلها عبر وسائطه؟
وأضيف هنا: ماذا عن الدور الغائب للاعلام في ابراز اهمية العمل الحزبي في الحياة السياسية، وضرورة اقبال الشباب على العمل الوطني من خلال البوتقة الحزبية؟وكذلك تأكيد أهمية اجراء الانتخابات النيابية على أساس حزبي، حفاظا على ديمقراطية الانتخاب،وضمانا للمشاركة الشعبية في العملية الديمقراطية، بعيدا عن اية عصبيات تضر بالتماسك الاجتماعي، وتلافيا لأية حساسيات تضر بمعادلة العدالة والمساواة والتكافؤ بين المواطنين، التي ينص عليها الدستور ويؤسس عليها التعاقد الاجتماعي.
ويقول الاعلام ومنظمات المجتمع المدني كذلك أن الأحزاب لم تنتشر في انحاء المملكة، ولم تتوسع قاعدتها في المناطق والأرياف الأردنية عموما، وبقيت في معظمها داخل عمان او حتى ضمن مقارها المستأجرة في العاصمة، فتجيب الأحزاب هل رغبت (بتشديد الغين) وسائل الاعلام الناس في المحافظات بالأحزاب؟
وهل حاولت تغيير الصورة النمطية للأحزاب في أذهان الناس؟ تلك الصورة السالبة المأخوذة من تجارب موغلة في القدم او ذلك الانطباع المأخوذ عن تجارب غير أردنية في محيطنا العربي، كانت الاحزاب فيها تجهد لتسيطر وتتحكم برقاب الناس وتتجبر على حرية المواطن وترهب السكان وتحتكر السلطة وتوزع الفرص والعطايا على منتسبيها.
وهل اوضح الاعلام ومنظمات المجتمع المدني حقيقة الرسالة الاصلاحية التي تحملها الاحزاب وتتكاتف مع غيرها من المنظمات والوسائط الوطنية على تحقيق اهدافها؟، فامكانيات الاحزاب لوحدها لا تقوى على تغيير الصورة من الاذهان، وليس بمقدور الاحزاب أن تصل لعموم المواطنين، وبخاصة في بداية نشوئها، وأن تخاطب الجمهور العريض وتتعامل مع الراي العام بمختلف اطيافه واتجاهاته بالاتصال المباشر والتعامل اليومي، مثلما يمكن للصحيفة والاذاعة والتلفاز، ومثلما يتيسر مع منظمات المجتمع المدني المتوافرة في المناطق والأنحاء.
وتبقى خطوة اساسية وضرورية أراها تغذي الحياة السياسية الأردنية، وتدعم البناء البرلماني الوطني وترسخ الديمقراطية، وتفعل مجالس اللامركزية...تلك التي تستوجب أن يعاد النظر في كيفية الانتخابات، وتشرع أن تكون الانتخابات النيابية على أساس القوائم الحزبية السياسية، وتمثل مختلف المناطق المحلية وجميع المكونات المجتمعية، بما يسمح بالغاء المحاصصة وما يعرف ب(الكوتا)، ومما يزيل النزعة الفئوية في نفوس المواطنين وممارسات الناخبين، ويترك أمر التنمية والخدمات لمجالس المحافظات، والتي تنتخب أعضائها وتنتقيهم محليا من قادة المجتمع المحلي الذي يتلمسون حاجات الناس ومطالبهم والخبراء الذي يدركون الواقع المحلي وامكاناته.
*باحث في قضايا المواطنة عضو المكتب التنفيذي لحزب الاصلاح
dfaisal77@hotmail.com
الرأي