ما الذي يجري في الأردن
اللواء المتقاعد مروان العمد
06-08-2018 06:56 PM
مياه كثيرة جرت في نهر الاحداث بالاردن خلال الاسابيع الماضية ، كانت كل نقطة منها تستحق الكتابة عنها ، ولكني دائما ما كنت أتجنب الحديث في الشأن الداخلي بالرغم من وجود الكثير مما يستحق ان اكتب عنه ، وكنت اكتفي ببعض الاحيان بتعليقات بسيطة على الواتس اب ، ولكن على الاغلب كنت اتجنب المشاركة بأي حوار حول هذا الموضوع بالرغم من حرصي على الاطلاع على كل المناقشات والمواقف .
ولعل هذا يعود الى ثقافة الحوار السائدة بأنه يجب ان يكون موقفك مطابق لموقفي والا فأنت على خطاء . ولما كانت المواقف متعددة ولما كان ارضاء الجميع في مواقفهم للمحافظة على ودهم امر مستحيل ، فكان الحل والمهرب هو ان اتجنب الكتابة بهذا الشأن او حتى ابداء أي رأي فية .
الا ان ما حصل في الاردن خلال الفترة الماضية جعلني في كل يوم افكر بالخروج عن سياستي هذة ثم اعود اليها عدة مرات في اليوم الواحد في انتظار اكتمال الصورة . وكانت عودة جلالة الملك عبدالله الثاني من اجازتة الخاصة الطويلة الى الاردن عاملاً حاسماً دفعني لأن اقول بعض ما اريد ان اقولة بغض النظر عن ردود الفعل علية . وبالرغم من اني سوف اكون واقعياً ومنصفاً بقدر الامكان ولكني سأكون صريحاً ومباشراً في كلامي بقدر الامكان .
هذا وسوف اجعل معظم ما اقولة على طريقة توجية الاستفسارات حتى لا اكون ملزماً بوضع الاجابات التي سوف احتفظ بها لنفسي في هذة المرحلة ، الى ان يشاء الله ويهبني القدرة والقوة والعمر لأقول كل ما اريد ان اقول .
ولتكون البداية مما كان يحصل قبل الاحداث الاخيرة حيث اتاحت وسائل التواصل الاجتماعي للمواطنين امكانية الحديث عن الفساد وعن الانحرافات وعن السياسات الحكومية وعن التعينات والترفيعات ومن تشمل ومن يستحق ومن لا يستحق وعن ارتفاع الاسعار وعن الضرائب واسعار المسشتقات النفطية والكهرباء . وهي في معظمها تعبر عما يجول في نفوس الناس الذين ارهقتهم هذه المظاهر ولم يجدوا مجالاً للتنفيس عن انفسهم الا بهذة الوسائل . الا انه مما لا شك فيه فأن البعض قد استغل هذه الوسائل للتشهير ببعض الناس واتهامهم باتهامات غير مثبته وفي اغتيال الشخصية وتصفية الحسابات .
ثم جائت قضية تعديل قانون ضريبة الدخل وما اثير حوله من جدال واصرار حكومة هاني الملقي على عدم سحب هذا المشروع من امام مجلس النواب في تحد لمواقف الغالبية العظمى من الناس والتي لم تثق بوعود رئيسي مجلسي النواب والاعيان وغالبية اعضائهما برد القانون . ثم كانت دعوة النقابات للتوقف عن العمل والاعتصام لسويعات لتخرج الامور من بين ايديها فيما بعد وتتحول هذه الاحتجاجات والاعتصامات الى سهرات رمضانيه على الحان الموسيقى ودخان الاراجيل وبطريقة سلمية لتحقيق غاية واحد هي سحب مشروع القانون .
وبعد اسبوع من هذا المشهد اُعلن عن استقالة الحكومة وصدور الأرادة الملكية السامية بتكليف احد اعضائها وهو دولة السيد عمر الرزاز بتشكيل حكومة جديدة بعد ان ابدى جلالته عدم رضاة عن غالبية اعضاء الحكومة السابقة واصفاً اياها ان بها ثلاثة او اربعة يعملون والبقية نائمون .
وعلى ضوء ذلك اخذ الامل يتسلل الى قلوب ونفوس الاردنيين بأننا مقبلون على عهد جديد في انتظار اعلان تشكيل الحكومة الجديدة . وتوقفت الاحتجاجات مثلما بدأت .
وأخيراً وبعد مخاض طويل خرجت علينا الحكومة القديمة لتصبح هي نفسها الجديدة بعد ان تم اخراج عددٍ محدودٍ منها تم استبدالهم بعناصر جديدة كانت مدعاة لخيبه الامل اكثر من الخيبة ببقاء الوزراء السابقين .
وبعد ان تم تشكيل الحكومه وبتاريخ ٢١ / ٦ / ٢٠١٨ غادر جلالة الملك عبدالله الثاني البلاد الى الولايات المتحدة الاميركية في زيارة عمل كانت مقررة سابقا امتدت الى السابع والعشرين من نفس الشهر اتبعها بزيارة خاصة كما هي عادته في كل عام . وبتاريخ ٢٥ / ٧ / ٢٠١٨ جرت مناقشة البيان الوزاري لحكومه الرزاز وبتاريخ ١٩ / ٧ / ٢٠١٨ حصلت الوزارة على ثقة مجلس النواب بأغلبية ٧٩صوتاً فيما حجب الثقة عنها ٤٢ نائباً وامتنع اثنان عن التصويت .
وقد شهدت المناقشات مفارقات عجيبة فقد قام عتاولة النظام من النواب بشن اشد هجوم عليها شاركهم فية نواب التيار المدني والذي كان الرزاز محسوباً علية . ثم اكمل الحلقة نواب كتلة الاصلاح والذين سعى الرزاز للتقارب منهم والتقى بهم وفتح حواراً وصفحة جديدة معهم الا انهم في المناقشات وضعوا على الرزاز شروطاً تعجيزية يعجزون هم عن تحقيقها لو كانت الامور بأيديهم ، ثم عند التصويت حجبوا الثقة عنها
وخلال هذه المدة وقبلها حصلت عدة أحداث اترك لكم استنتاج خلفياتها ومقاصدها . ولتكون البداية الجولة التي قامت بها السفيرة الاميركية على العشائر الاردنية وسط ما كان يتردد من معلومات عما تتضمنة صفقة القرن من حلول على حساب الاردن . وعندما افشلت عشائرنا الاردنية هذا الهدف فقد برزت محاولات لايقاع الخلاف والفتنه بين العشائر الاردنية على خلفيات احداث فردية كادت في بعض الاحيان ان تؤدي الى اشتباكات مسلحة رافقها صدور بيانات كاذبة بأسم بعض العشائر لدعم عشائر ضد عشائر اخرى . الا ان عناية الله افشلت هذة المحاولات . ثم اخذت تتكرر حالات التشكيك والطعن في اجهزتنا الامنية من خلال استغلال بعض التصرفات الفردية او استغلال بعض الترفيعات والاحالات على التقاعد للأيحاء ان المقصود بها ان تكون لصالح فئة او منطقة ضد فئة او منطقة اخرى . كما اخذت تظهر على السطح بعض المواقف والكتابات والتغريدات التي تركز على الاصول والمنابت وان البعض يحصل على الامتيازات على حساب البعض الآخر . والتي تهدف لأيجاد شرخ ما بين ذوي الاصول الاردنية وذوي الأوصول الفلسطينية من ابناء الشعب الواحد، وما بين ابناء الشمال والوسط والجنوب .
فيما ذهب البعض لمحاولة التشكيك بمقاصد ونوايا دولة الرئيس عمر الرزاز من خلال تركيزهم على ما ورد في اقوالة امام مجلس النواب عن العقد الاجتماعي معتبرين ان ذلك بدايه للتخلص من الدستور لصالح شعارات وأهداف ونظم أخرى . مع ان هذه الكلمة وردت بكتاب التكليف السامي لتنظيم العلاقة الاجتماعية بين المواطنين وليس لها علاقة بالدستور وموادة . حتى ان زيارة الرزار لبعض المؤسسات ونشاطاتة الاجتماعية فسرها البعض انه يريد ان يلعب دور جلالة الملك .
وخلال مناقشات الثقه بالحكومة اثار احد النواب قضية عوني مطيع وعملية تهريب الدخان وتصنيعة بطريقة غير شرعية . وقد اعلن دولة الرئيس في ردة على كلمات النواب وقبل التصويت على الثقة ان حكومتة سوف تتابع هذا الموضوع وستعمل على محاربة الفساد اينما كان . وكان ذلك بتاريخ ١٩ / ٧ / ٢٠١٨
وقد اصبح هذا الموضوع حديث الشارع الاردني وموضوع وسائل التواصل الاجتماعي المفضل الى ان اعلنت الناطقه الرسمية بأسم الحكومة انه كان يتم متابعة هذا الموضوع قبل طرحة امام مجلس النواب وانها كان من المفترض ان يتم مداهمة الاماكن التي يشتبة بأن لها علاقة بهذه القضية لتفتيشها وظبط ما فيها وظبط الذين لهم علاقة بها بتاريخ ١١ / ٧ / ٢٠١٨ الا ان الشخص الرئيسي المعني بهذا الموضوع كان قد غادر البلاد قبلها بيوم واحد بالرغم من ان اسمة كان معروفاً وانة من الشخصيات البارزة في البلد ومن غير ان تقدم الناطقة الرسمية تبريرات مقنعة لما حدث .
ويبدوا ان الحكومة وجدت في هذة القضية ضالتها التي تبحث عنها لتثبت للشعب انها تحارب الفساد ولكن هذا اوقعها في تناقضات غير مقنعة . فهي وعلى لسان الناطقة الرسمية تقول انه تم تهريب خطوط انتاج السجائر والمواد اللازمة لتصنيعها وبأسم ماركات عالمية بطريقة غير مشروعة او عن طريق التلاعب بالبيانات وعلى اساس ان الهدف منها انشاء مصانع لمنتجات اخرى دون ان تبين تقصير الجهات الرسمية في متابعة خطوط الانتاج هذة واماكن تركيبها والمواد التي تنتجها على الاقل من اجل تحصيل الضرائب والرسوم المترتبة عليها . وقد زاد الطين بلة ان الحكومة كانت تعلن في كل يوم عن المزيد من المواقع التي كانت تداهمها وانها كانت تصادر المزيد من خطوط انتاج للسجائر الغير شرعية وموادها وبشكل يوحي ان في البلاد العشرات من هذه المصانع التي تم ادخالها وتركيبها وقيامها بالانتاج وتسويق منتجاتها داخل البلاد وخارجها من غير ان يتم ظبط ولو شحنة صغيرة من هذة السجائر المنتجة بطريقة غير شرعية حتى لو كانت بضع كروزات مع انها تمسك من يحاول ادخال كروز سجائر واحد اضافي عن طريق المنافذ الحدودية وتقوم بمصادرته . ومن غير ان يتم الاعلان عن ظبط احد المسؤولين الرسميين عن تسهيل دخول هذه الاجهزة وتسويق هذة المنتجات . او الاعلان عن احد المتعاونين والمشاركين لمن ظبطت هذه التجهيزات بحوزتهم . وبالرغم من ثبوت ان الكثير من هذه التجهيزات كانت تدخل بطريقة شرعية ولمصانع مرخصة لصناعة السجائر ودون ان يتبع ذلك متابعة لهذة المصانع ومنتجاتها وكيفية تسويقها . مع ان مصنع تمباك صغير قد لا يتجاوز مساحته الخمسون متراً مربعاً يعين له من الجمارك او الضريبه لا ادري موظفاً مختصاً ليعد علية انتاجة لتحصيل الضرائب والرسوم منة . والمصيبة كانت اعلان الناطقة الرسمية وبعد تحويل القضية للجهات القضائية ، انه لن يكون هناك منع نشر في هذه القضية وانه سيتم نشر كل تفاصيلها بشفافية مما يشكل اعتداء واضح وصريح من قبل السلطة التنفيذية على السلطة القضائية صاحبة الاختصاص الحصري بأتخاذ مثل هذا القرار . فأذا كانت الحكومات السابقة تتدخل بصلاحيات السلطة القضائية بأن تفرض عليها اصدار قرار بعدم النشر فأن هذه الحكومة قد اعتدت على صلاحيات السلطة القضائية بمصادرة حقها بأتخاذ هذا القرار لمصلحة التحقيق وأجراءاتة . وتبقى المصيبة الاكبر بقرار دولة الرئيس بتحويل القضية لمحكمة امن الدولة مما اوقع قرارها هذا تحت شبه الخطاء الدستوري والقانوني حيث ان التعديل الذي ادخل على قانون محكمة امن الدولة عام ٢٠١٣ قد شطب المادة التي تسمح للرئيس بتحويل القضايا الاقتصادية التي يرى انها تمثل خطراً على الامن الاقتصادي لهذه المحكمة بالرغم من بقاء هذا النص في قانون الجرائم الاقتصادية مما سيدخلنا هنا في اجتهادات حول تنازع القوانين واي القانون هو الواجب التطبيق . كما ان تحويل القضية لمحكمة امن الدولة يعني القضاء وبشكل نهائي على امكانية استرداد المتهمين والمشتبة بتورطهم بهذه القضية ويقيمون خارج البلاد ، حيث ان الجهات القضائية الدولية لا تعترف بأجراءات وقرارات المحاكم الاستثنائية ومنها المحاكم العسكرية ومحاكم امن الدولة . فهل هذا غاب عن بال الحكومة ام ان هذا هو المقصود من هذا الأجراء ؟ ، واترك الاجابات لكم
ثم تلا بعد ذلك انفجار فقاعات الفساد وأُخرجت قضاياة من ايام لوط الى يومنا هذا واصبح الكل يروي تفاصيل الفساد ومن شارك بالفساد وكم نصيب كل فاسد من هذا الفساد وبمبالغ تصل الى مئات الاملايين مع ذكر اسماء من تكسب من هذا الفساد وكأن الراوي كان على رأس طاوله الفساد ومطلع على كل تفاصيلها . وكل ذلك دون ان يتم تقديم دليل واحد على صحه هذه المعلومات .
وانا اذ لا انكر صحة وجود الفساد وكبر حجمه وانه يقف ورائه عتاوله كبار اعتبروا انفسهم فوق القانون أو اعتبروا القانون فُصل ليحمي فسادهم ، ولكني تراودني شكوكي حول الغايه من نشر هذه المعلومات والآن بالذات والتي لا يتمتع الكثير منها بصدقيه عاليه والتي خلت من قضايا الفساد الحقيقي وبيع مقدرات الوطن . مما يجعلني اتسائل هل نشر هذه المعلومات في هذا الأيام هدفه ارباك حكومه الرزاز وتشتيت اهتماماتها بمحاربه الفساد ؟ . او تقديم خدمه لها بأنها تتبع سياسه المكاشفه والصراحه ؟ ام ان الهدف هو حماية الفاسدين الحقيقيين عن طريق خلط معلومات الفساد الحقيقي بغير الحقيقي ؟ او ايصال رساله للمواطن بأن الفساد مستشري ولا يمكن وضع حد لة ومحاربتة ؟ . او ان الهدف هو أثارة الشكوك بكل مسؤول وبكل مشروع وبكل استثمار بما يشكل دعوة للعالم اجمع بأن لا يستثمر لدينا ، مما سوف يؤدي الى زيادة صعوبة اوضاعنا الاقتصاديه والى درجه الانهيار الكامل ؟ . ومما يثير الاستغراب ايضاً هو مشاركة تلفزيون المملكة الذي انشئ حديثاً ليكون اعلاماً مفتوحاً وحراً وصادقاً في حملة الحديث عن الفساد واستغلال المستثمرين غير الاردنيين معتمداً في معلوماته على ما يقوله هاؤلأ المستثمرين دون ان يقوم هو بعملية بحث واستقصاء بحثية وقانونية للوصول الى الحقيقة ، وكأن هدفة هو تطفيش المستثمرين الاجانب وليس حمايتهم وجلبهم .
فهل كل ذلك يحدث بالصدفة ام بفعل فاعل وبتخطيط وترتيب مسبق ؟ واذا كان ذلك كذلك فما هو الهدف وما هي الغايه ؟ .
كما ان هذه الفترة شهدت استرجاع فيديوات قديمة على انها حديثة او وقعت في دول اخرى وعلى انها وقعت في بلادنا . كما شهدت فبركة الكثير من هذة الفيديوهات بلغ بعضها مستوى عالي من السخف الواضح ، الا ان الكثير من الناس كانوا يتبنوها ويعملون على نشرها . فما هي الغايه من ذلك ؟ .
كما ان الحكايه بدأت بعمليات سطو غبية على البنوك بحيث كانت تقع في كل يوم حادثة سطو على بنك يتم القاء القبض على فاعلها خلال ساعات قليلة الا حادثة واحدة . ثم اختفت هذه الظاهرة لتعود وتتكرر من جديد في ايامنا هذة وليتم القاء القبض على مرتكبيها خلال ساعات
الا واحدة . فهل هذه مجرد مصادفة ؟
هل كل ما حدث في بلدي خلال هذة الفتره حدث بطريقة عفوية وبالصدفة ومن دون اي غاية ام ان وراء الاكمة ما ورائها ؟ .
وكل ذلك ولم اتحدث بعد عن غيبة جلالة الملك وما تم تداولة عن غيبتة واثنائها وعن عودته الى ارض الوطن بسلامهة الله وردود الفعل عليها وما قالة جلالتة امام مجلس الوزراء ودلالته ، ولهذا الموضوع حديث آخر .