هل عمر الفتاة ضريبة زواجها ،ويحاسبها المجتمع على رقم يزداد لاإراديًا مثلًا ؟
مَنْ قالَ أن الزواج السعيد يبدأ بالعشرينات؟ أو أقل مثلًا؟!
مَنْ وضع الثلاثينات أوالأربعينات مؤشرًا على نجاح أو فشل الزواج ؟
لابدّ من القارىء أن يجيب بكلمتين لصيقتين "طبعًا المجتمع"، لكن هاتين الكلمتين غير شافيتين بل قاتلتين مع سبق الإصرار والترصد والمجتمع باختلاف بيئاته موافقًا عليه .
المجتمع يضع كل شيء بقالب معين لتأطيره كما يريد ولأنّه هناك مستمعيين جيدين ،ودائمًا يسعى لوضع الفتاة التي لم تتزوج بعد بقالب مربع أو مستطيل ولونه على الأغلب أسود يغطّي على قلبها وعقلها حتى لو ملكت المال والجاه العلم والجمال لايهمه ...المهم أنتِ لم تتتزوجي بعد لانك ثلاثينية أربعينية خمسينية !!
جلسة نسائية في غاية الروعة فيها من كل الجمال المتوفر على الأرض خصلة وأتفاجىء بأن العمر عبارة عن مهّمة يجب أن تقضيها قبل أن تقضي عليكِ،وشبابنا يهربون منّا عند سماعهم لأعمارنا فقط...القصص لا تعمم لكن واقعية ..والمخفية منها أعظم
تقول "جميلة " حصلتُ مؤخرًا على الدكتوراة في هندسة الجينات الوراثيّة بتقدير امتياز ورتبة شرف من جامعتي ،أحب تخصصي وفنيت عمري ولا اندم على كل لحظة أضعتها على دراستي فأنا فخورة بإنجازي ولم يخطر في بالي يومًا أنني سأوضع إطلاقًا بموقف "كم عمرك ؟"عمري 36سنة " ييييييييييي والله كبيرة ولهذه اللحظة لم تتزوجي ،يالله الله يبعتلك حبيبتي ...سمعتها كثيرًا من أواخر العشرينات ولغاية هذه اللحظة اسمعها ،وكل شخص أتعرف عليه يهرب كالفأر الهارب من المصيدة ،من مختلف الجنسيات تعارفت من خلال تخصصي وعن طريق معارف إلّا النتيجة واحدة عمري كبير ولا يصلح للزواج ،والمزعج أبناء بلدي أكثرهم هروبًا حتى على مستوى البقاء سويًا قيّد الصداقة لا يتقّبل الفكرة وهناك من لا يمتلكون فنّ ومهارة المحادثة مع الجنس اللطيف فيدّب الحديث معي كأنّي بلا مشاعر وأحاسيس وكلماته تدخل قلبي كخناجر تمزقني من جهة تقول"تعارفت على شاب متقارب من عمري وكنّا في قمّة التفاهم والانسجام وهو من فتح موضوع الارتباط فرحت من جوّا لأنه إنسان غير تقليدي وقال لي أوّد أن أخبّر عائلتي وبقراري هنا شعرت بأنني أتحدث مع رجل حقيقي أنه صاحب قرار يعني ونمت في تلك الليلة وأنا أحلم بحقّي كفتاة بالثوب الأبيض لكنّه كابوس نعم كابوس جميل في اليوم التالي منذ الصباح هاتفني وقال لي "اهلي مستحيل يوافقه على زواجنا ؟؟! لم أسأله لماذا ؟أنا قمت بالإجابة عنه عمري أليس كذلك ؟لم يجيب لأنّه خجلان على أساس ،ومن جهةأخرى أمي وأبوي بيرموا كل كلمها أكبر من رأسي متى بدك تتجوزي ؟خلص بكّفي الناس أكلت وجوهنا كل بنات عمك وخالاتك تجوزن وولادهن طولهن؟ وكأن الموضوع بإيدي وأنا ما بدّي ...! أو من صويحباتي المتزوجات متى رح نفرح فيك ؟الله يبعتلك ياحق خلص بدنا نرقص يالله أو من كل الذين يعروفنني بأنّي عانس لهذه اللحظة وضعني المجتمع بكفّة قذّرة رمتني وشهادتي وثقافتي وعلمي حتى تدّيني بقاع الوحل واعترف بكل صراحة بعد هذا العمر وما أفنته في العلم والتعلّم والتعليم بأنني "أريدُ زوجًا " ليس لإرضاء المجتمع عليّ فقط بل ليعتقني من ظلمه وقوّته وإصدار أحكامه الظالمة وارتاح من نظرات وكلمات مزقت هيبتي ومشاعري كإنسانة وكعانسة كما ينعتني لا دكتورة !.
وقصة "جميلة" تمثّل بعض الفتيات من سنها أو أقل أو أكثر باختلاف الأحداث والبيئات ،وفي مجتمعنا لا نستطيع أن نعكسه على الشاب لانّ مجنمع ذكوري فقط،وسنعيد السؤال المهم متى نتزّوج؟!
سأثبت بأنّ المجتمع سيكون لصيق بك حتّى مماتك عزيزتي/ي ؟وسأبدأ برسم صورة نمطيّة مقرفة نوعًا ما لكن فيها نوعًا من الإيمان العميق "تزوجتي ولم تنجحي في بناء العش الزوجي ستصبحي مطلقة وياعيني على الحجارة التي سستلقيها من اعلى رأسك حتّى اخمص قدميك من كل الجهات والأقربون أوّلى بالمعروف ،ولنفترض أنك نجحت في بناء العش الزوجية ولم تنجبِ هالله هالله على الدعوات التي ستسمعينها كي تنجبين الولد مش بنت لأنه البنت كارثة الولد اتفقنا ،ولنفترض بأنك كنت عقيم ولم تنجبي وحاولتي أن تزرعي أنابيب ونجحت أيضًا سيقول المجتمع بعد كذا سنة أنجبت ياحرام أنابيب الله يطعمها ؟! لو تحاول تجيب أخ لأخوه مش اخت لأختها لاننا متفقين على موضوع البنت وخذلك كل هالقصص في هذه الصورة ليوم الدين أتسمعين ليوم الدين نعم ليوم الدين ... لماذا اليأس المتغلغل في دماغك ..... لن يكبر المجتمع ولن يتطّور ولن يتغيير ولن يتقدم ولن يملك صكوك الغفران ولن ينفي الفساد في البر والبحر والجو ولن ينهي الحرب ولن يعّم السّلام ولن تصبح شوارعنا نظيفة وبيوتنا مشعشة حب وأمان وسلام ولن يرتاحوا الأبوين ولن يدخلك الجنة أو النار ...ولن...ولن إذا تزوجتي أو لم تتزوجي !! يكفي جلّد .
عزيزتي وعزيزي...
البحث عن العمر المناسب يجب ألّا يكون الهدف ،فالعمر ليس العامل الأوحد الذي يحدد جهوزية الفرد للارتباط وبناء حياة زوجية ناجحة .
"فالنضج هو الأساس وليس العمر"
ونعود للسؤال الأهم متى نتزوج؟!......الجزء الأول وللقصص بقيّة

Taqwa.alali88@gmail.com