اغتيال الشخصية .. إلى متى ؟
د. بلال السكارنه العبادي
05-08-2018 09:02 PM
إن ظاهرة اغتيال الشخصية تشكل معلما بارزا وسط الحركة السياسية والاجتماعية الأردنية . وهى وان كانت ظاهرة عامة نجدها في اغلب التيارات السياسية الأردنية ؛ فأنها عبارة عن مجموعة من الممارسات الهجومية ؛ التي ترمي إلى تصفية الخصم اجتماعيا وسياسياً, لا إلى التحاور معه او الجدل الفكري أو السياسي مع آراءه ومواقفه . وتستخدم فيها الشائعة والتشنيع والاتهامات المجانية التي تتعلق بشخصه وأمانته وأخلاقه ودوافعه , كما يتم فيها استخدام نصف الحقائق والأكاذيب والروايات الملفقة وغير المثبتة , كل ذلك بقصد اغتيال شخصية الخصم وتصفية مصداقيته وحرق صورته الاجتماعية في الحياة العامة .
وإذا كانت ممارسات اغتيال الشخصية التي تندرج تحت بابها أساليب الدعاية السوداء تعتمد في الغالب على قنوات غير رسمية وعلى تسريب الشائعة وترديدها شفهيا وإعلاميا ومن خلال وسائل التواصل الاجتماعي , خاصة في ظل غياب لآليات الديمقراطية لإدارة الصراع وتحت ظل الآراء التي ترى في مخالفة للرأي تكتلا وانقساما وتخريبا ولا تكون هناك من وسائل لإدارة الصراع شريفة وواضحة , وتصبح وسائل اغتيال الشخصية والمؤامرات وتصيد الأخطاء والعزل الاجتماعي هي الوسائل الأساسية لإبعاد الخصوم .
ولقد أدت حملات اغتيال الشخصية التى مورست في فترات سابقة إلى تشويه سمعة العديد من الأشخاص دونما ذنب ارتكبوه والى تعميم اختلا قات وتأييدها لمدة سنين طويلة , والى حالات عزل اجتماعي قاسية تعرض لها أبرياء ؛والى نتائج مأساوية من الاكتئاب والمرض النفسي او العزلة او الانتحار, كما أدت في حالات كثيرة إلى ابعاد الشخصية المستهدفة من مجال العمل العام , وضرب مصداقيته وتقليل تأثيرها السياسي والاجتماعي ، إلا أنهم في الأردن قد أضافوا إليها أساليب جديدة وخصوصا ما يتعلق بالتشكيك فى أخلاقيات وسلوكيات الشخصية المستهدفة .
وفي ظل الحراك السياسي والاجتماعي نحو محاربة الفساد باعتباره أولويّة وطنيّة لتعزيز مسيرة الشفافية والنزاهة والموضوعية تشكل في مجملها متطلبات مهمة لترسيخ النمط الاقتصادي والسياسي الحديث للدولة الأردنية، برز مسألة التشكيك وإطلاق الشائعات للنيل من سمعة شخصيات وطنية كانت في مواقع المسؤولية وخدمت الوطن والمواطن يشهد لها القاصي والداني بانجازاتها الوطنية ونظافة يدها حيث يتم تشويهها بالشائعات المغرضة التي تسعى إلى إسقاطها سياسياً واجتماعياً وليس نحو تحقيق المصالح الوطنية.
هنالك فرق كبير ما بين النقد والاغتيال خاصة تلك الشائعات المبنية على الأقاويل والأكاذيب ولا يوجد ما يثبتها من أدلة وبراهين ، وان الأشخاص الذين يعملون بالعمل العام ما دام انه قبل بالمسؤولية العامة فهو سيكون تحت المجهر والمراقبة والنقد البناء الذي يسلط الضوء على التجاوزات والأخطاء التي تصب في مصلحة الوطن ، آما اغتيال الشخصية فهو بدون شك يحمل بين طياته الإساءة المباشرة إلى الشخصيات العامة ، لأنه ببساطة يتجاوز الأعراف ودرجة القبول والمقبول إلى الطعن بشرف وكرامة الشخصية ونتائج ذلك السلبية وانعكاساته الاجتماعية الخطيرة على الوطن والمواطن خاصة في ظل غياب تشريعات واضحة تتصدى لهذه الظاهرة بكل حزم وجدية.
والسؤال الذي يطرح الآن ونحن نعيش فترة البحث عن الفاسدين وحتى لا يقحم ما بين الفاسد واستثمار هذه الأوقات في اغتيال الشخصيات ألعامه وكيفية الوصول إلى أدلة مقنعة ذات دلالات قانونية تساهم في ضبط الفاسدين مادياً ومعنوياً ، فمن غير المعقول أن يكلف شخص ما بوظيفة عامة ويكون قبلها محدود الثروات وأثناء فترة وجيزة يصبح فاحش الثراء ومن أصحاب الملايين ولا يسأل من أين لك هذا وكيف حصلت على هذه الامتيازات والثروات ، فإذا كنا نسعى لعدم إطلاق الشائعات جزافاً واغتيال الشخصيات ألعامه فالأجدى أن يتم محاربة الفاسدين ومعاقبتهم درءً للشائعات ومنعاً لاغتيال الشخصيات العامه.