نحو رؤية وطنية للتربية الإعلامية
سليمان الطعاني
04-08-2018 01:59 PM
تطـور مفهـوم التربيـة الإعلاميـة فـي السـنوات الأخيـرة بحيـث أصـبح مشـروع تمكـين يهــدف إلــى إعــداد الشــباب لفهــم الثقافــة الإعلاميــة التــي تحــيط بهــم، وحســن الانتقــاء والتعامـل معهـا، والمشـاركة فيهـا بمضـامين إعلاميـة فعالـة، وتعـد منظمـة الأمـم المتحـدة للتربيــة والثقافــة والعلــوم (اليونيســكو) الــداعم الأكبــر للتربيــة الإعلاميــة بعبــارة جــاء فيهــا "يجب أن نعد النشء ليعيش في عالم الصورة والصوت والكلمة"
قبل أي ثورة صنعها فيس بوك، وقبل نشوء الإعلام الاجتماعي والانترنت الاستهلاكي، كتب الباحث لين ماسترمان: " تشكّل التربية الإعلامية خطوة أساسية في مسيرة الألف ميل نحو ديمقراطية تشاركية حقيقية لإضفاء الطابع الديمقراطي على مؤسساتنا. فالتربية الإعلامية المنتشرة أساسية إذا ما أراد المواطنون امتلاك القوة واتخاذ قرارات منطقية والتحول إلى أدوات تغيير فاعلين ومشاركين في الإعلام”
والآن في ظل وجود جيل من الشباب يقضون ست ساعات يومياً على الأقل في تصفح وسائل التواصل الاجتماعي، تستطيع التربية الإعلامية والمعلوماتية أن تُمكِّنهم من مهارات التفكير الناقد والإبداع والابتكار والتعبير الحر عن النفس، وتقديم الأدوات التي تمكنهم من تجنب قضايا مثل خطاب الكراهية والتطرف والعنف".
لعل التناول الناقد للمادة الإعلامية ضمن منهاج تربية إعلامية خاص يؤدي حتماً الى انتاج مواطن ناقد، وأن تعليم المتلقي التقنيات التي يستخدمها الإعلام لتوصيل رسالته يعني وعي المتلقي بهذه الوسائل وتشكيل الحساسية الناقدة تجاه الرسائل التي يطرحها. وهذا المدخل يعني بالمجمل فهم الجمهور لآلية عمل الإعلام والكيفية التي يؤثر بها على حياتنا.
أن أهمية التربية الإعلامية تكمن في تيسير وصول الأفراد إلى المهارات والخبرات التي يحتاجونها لفهم الكيفية التي يشكل الإعلام فيها إدراكهم وتهيئتهم للمشاركة كصانعي إعلام ومشاركين في مجتمعات افتراضية ضمن أخلاقيات المجتمع وضوابط حرية الكلمة.
تربية اعلامية تشجع على تنشئة المواطنة المسؤولة، والعمل الجماعي، والحياة الواقعية، تربية إعلامية تتّسق مع مهارات التفكير العليا وتنميها، وتمكن الفرد من أن يصبح مستهلكاً حكيماً للرسائل الإعلامية من خلال زيادة قدراته على الاتصال والتعبير، وتمكينه من التعامل مع ثقافة مشبعة بالرسائل الإعلامية. في وقت أصبحت في وسائل الاعلام هي الموجه الأكبر والسلطة المؤثرة على القيم والمعتقدات والتوجهات والممارسات في مختلف جوانب الحياة.
التربية الإعلامية باتت جزء من حقوق المواطن الأساسية في ظل هذه الظروف التي اختلط فيها الحابل بالنابل كما ان ادراجها ضمن المناهج الدراسية في المدارس والجامعات بات أيضا ضرورة ملحة كمشروع دفاعي يهدف الى حماية النشء من التضليل والسلبية والنمطية وتمكينه من حرية الانتقاء والاختيار والنقد، مشروع تمكيني يهدف الى اعداد الافراد لفهم الثقافة الإعلامية التي تحيط بهم وتمكينهم من حسن الاختيار والانتقاء منها وتعلم كيفية التعامل معها والمشاركة فيها بصورة فاعلة، فعالم اليوم عالم معقد ولا نملك الا التغيير الذي يفرضه عصر المعلومات وتعليم النشء كيف يعيشون ويفهمون ويحللون الأحداث المحيطة بهم غير جهلة ومستهلكين وغير ناقدين يسهل السيطرة عليهم بتقديم حجج واهية لا يمتلكون الآليات المناسبة لنقدها كما يسهل السيطرة عليهم من قبل آخرين او اتجاهات عبر كل الأشكال المتاحة للاتصالات في هذا العصر.
باتت الضرورة ملحّة لإيجاد فرصة مهمة لنا في الاردن لتطوير رؤية وطنية للتربية الإعلامية والمعلوماتية تدعمها إرادة سياسية ويتم ترجمتها إلى خطط وسياسات استراتيجية ومناهج دراسية في المدارس والجامعات،
التربية الإعلامية والمعلوماتية باتت متطلبا أساسيا مهما للوصول العادل إلى المعلومات وتعزيز وسائل إعلام وأنظمة معلومات حرة وتعددية.