رأسمالية الدولة / نهاية التاريخ
د. فهد الفانك
22-05-2009 05:34 AM
نظام السوق الحر يتمتع بالكفـاءة ولكنه ليس كاملاً، فهناك اعتراف، حتى من عتاة المنتمين لمدرسة السـوق واليد الخفية بأن حرية السوق تسمح بالانحراف، ولذا فلا بد من التنظيم والتقنين الذي تضعه الدولة، وتشرف على تطبيقه الهيئات الرقابية، وتعاقب من يخرج عنه، فالحرية بدون حدود تتحول إلى فوضى وشريعة غاب إذا لم ترافقها قوانين وأنظمة صارمة.
مع ذلك فقد حدث الانحراف، وانفجرت الفقاعة العقارية والمالية، وأدت إلى أزمة عالمية اضطرت معها الحكومات ليس للتشدد في فرض القيود وتطبيقها فقـط بل أيضاً إلى تصرفات تخالف مبادئ السوق، كالتدخل بالدعم المباشر، وامتلاك أسهم رأس المال والإدارة، وحماية المنشآت الفاشلة من الإفلاس.
بعض المراقبين يعتقد أن ما حصل يعني سقوط مبادئ حرية السوق والتخاصية، وأن قدراً من الاشتراكية لا بد منه في عملية الإنقاذ. وباختصار شهدنا ما يمكن وصفه بأنه نوع من رأسمالية الدولة، التي أصبحت تملك بنوكاً وشركات وتقرر من يديرها.
السؤال الآن ما إذا كانت رأسمالية الدولة التي ازدهرت أساساً في الدول المتخلفة في العالم الثالث، ورافقها قدر كبير من الفساد وسوء الإدارة، سوف تصمد كنظام بديل يرث النظام الرأسمالي كما عرفناه، أم أنها مجرد مرحلة انتقالية مؤقتة جاءت للضرورة كاستثناء من القاعدة ريثما تعود المياه إلى مجاريها، وتسترد الرأسمالية موقعها وثقتها بنفسها، بعد تشدد الحكومات في التقنين والتنظيم ومراقبة التطبيق ومنع الانحراف.
ما يحدث الآن يعيد إلى الأذهان نظرية نهاية التاريخ التي قال بها فوكوياما باعتبار أن الرأسـمالية والليبرالية هي أعلى وآخر مراحل التطور الاقتصادي، تستقر عندها الأوضاع إلى ما لا نهاية. وقد اتضح الآن مجدداً أن التاريخ لا ينتهي ولا يعيد نفسه، وأن التغيير هو القاعدة التي لا تتغير.
الاشتراكية الشيوعية ليست نهاية التاريخ كما ظن ماركس بدلالة انتكاسها والتراجع عنها بعد 70 سنة من تطبيقها، فلماذا تكون الرأسمالية أو أي نظام آخر هو نهاية التاريخ. لم تتوصل البشرية لمنظومة اقتصادية اجتماعية فكرية تصلح لكل زمان ومكان.
نعم الرأسمالية لا تخلو من العيوب وهي سيئة، ولا يوجد ما هو أسوأ منها سوى جميع الأنظمة الأخرى!.