أداء الواجبات الاجتماعية يمثّل أطيب العادات التي نقوم بها وخاصة المشاركة في التعازي ومواساة الأصدقاء ومشاطرتهم أحزانهم. وأيضا مشاركة الأصدقاء أفراحهم ومناسباتهم العزيزة على قلوبهم.
وأطرح سؤالا للنقاش. هل يمكن اعتبار التعزية على منصات التواصل الاجتماعي أو بالبريد الإلكتروني أو بالهاتف، كافية؟!
لقد تشعبت وازدادت الواجبات الاجتماعية التي على المرء أن يؤديها. فللمواطن منا علاقات وصِلات في كل أنحاء المملكة. تتراوح بين التعزية وزيارة المرضى والتهنئة بالزفاف. بعض هذه الواجبات يجب أن يؤديها المواطن وجاهيًا. لا يمكن أن لا يؤديها. ولا يمكن أن يؤديها هاتفيا أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو بالبريد الإلكتروني.
لقد تعوّدت أن أؤدي الواجبات بهمة عالية وبدافعية ممتعة، لا إعاقات ولا عقبات تحول دون أدائها. ولكنني أسجل على نفسي -كما يسجل اصدقائي على انفسهم- انني لم أعد أتمكن من أداء هذه الواجبات -كما أحب وأرغب- ولذلك يظل أداؤها مشوبا بالتقصير، مهما حاولنا الإخلاص في أدائها وحرصنا عليه.
يلحُّ علينا ويضغط واجب حضور ندوات الأصدقاء الثقافية والسياسية. والتحضير للندوات التي أكون متحدثا فيها، وهو تحضير يستغرق ساعات. والمشاركة في أفراح الأصدقاء الذين يزوجون أبناءهم وبناتهم.
بعض الواجبات لا يمكن التأخر عنها، حتى لو سار إليها المواطن منا على النقالة، كالتعزية بالشهداء البررة الذين يفتدون أمتنا ويفتدوننا بأرواحهم الغالية النفيسة.
لقد حصل ان عزيت وعدد من الاصدقاء في الطفيلة والكرك والسلط في نفس اليوم!! وعزينا في الزرقاء والمفرق وعوجان في يوم واحد!! وعزينا في مأدبا وسحاب وام البساتين في يوم واحد!.
ثمة واجبات شخصية مهمة على المرء أن يؤديها أيضا. ففي حالتي، علي مهمة كتابة مقالتي اليومية «عرض حال» للدستور وهي مهمة حساسة تستغرق من ساعتين إلى ثلاث!! والذهاب إلى النادي الصحي في الفندق وهي «عملية» تستغرق ساعتين ذهابا وإيابا.
لقد تكاثرت أيضا المناسبات الثقافية في فوضى وتضارب وانعدام تنسيق يضيع علينا الفائدة والمعرفة والمتعة. وهو تضارب يستدعي التوقف عنده والبحث عن صيغة تنسيق تخدم المناسبات ولا تجعلها تتم على حساب بعضها. فالجمهور الثقافي محدود، وأية فعالية تتم، تقضم من جمهور فعالية اخرى.
وثمة عقوبة منهكة ليست منظورة هي ان التدخين مسموح به في التجمعات السعيدة والحزينة!!
تعالوا نتفق على حلول تكفل أن نتمكن من القيام بواجباتنا على أنسب وأحدث وجه، تطبيقا لتوجيه الرسول الكريم: «يسّروا و لا تعسّروا....».
الدستور