• نحن البلد الوحيد الذي يحتفل بالمديونية .
أدمنا على المديونية حتى أننا بتنا نقيم لها الإحتفالات .
هذا ليس إستخفافا بل هو حقيقة , أنظر كيف تحتفل الحكومة بالحصول على قرض , وتحرص على أن يكون الخبر
منشورا على صدر الصفحات الأولى للصحف ويتصدر نشرات الاخبار.
يعتب وزراء علينا لأن صورهم لم تظهر وهم يوقعون إتفاقيات الحصول على قرض , ويبتسمون ملء الأشداق وهم يمهرون صفحات الإتفاقيات بتواقيعهم الكريمة ويختارون أجمل وأثمن الأقلام ويحتفظون بها للذكرى .
قبل أسبوع على توقيع الحصول على قرض توزع المكاتب الإعلامية ورجال العلاقات العامة في الوزارات رقاع الدعوة ويتبعونها بإتصالات هاتفية لتأكيد المشاركة في إحتفال القرض , الذي يتم فيه حشد طاقم المصورين وكاميرات التلفزيون وعدد من الفضائيات والصحف والمواقع الإلكترونية , نعم نحتفل بزيادة المديونية وكأن القرض
ليس عبئا بل إنجازا تسجله الحكومة وتدرجه في كراسات إنجازاتها .
لم يعد الإقتراض يثير قلقنا بل أصبح مدعاة للفرح والإعلان عنه لا يدعو للخجل فعمليات الاقتراض إنجازات تستحق التباهي وهي بشرى يزفها المسؤول للناس وكلما كبر الرقم كبر الإحتفال واصبح جديرا وثمينا .
حتى لهجة الإعلان عن قروض جديدة مختلفة , فيها فرح وفيها حرص على أن تكون واضحة ولا بأس إن إستخدم الوزير لغة فصيحة يشدد فيها على الحروف كأن يقول «حصلنا على قرررض كبيررر « يتسابق فيها المسؤولون أمام المايكروفونات بإعتبارها مكاسب وكأنها لا تستوجب السداد وكانها خفيفة.
حل كل المشاكل يتم بالإقتراض , وليس بالإنتاج ولا بتخفيض النفقات , خذ مثلا ما حصل الأسبوع الفائت فالخبر يقول أن الدكتور عمر الرزاز رئيس الوزراء طلب من وزير البلديات النظر في طلب بلدية الزرقاء للحصول على قرض من بنك تنمية المدن والقرى !!!.
• الحكومة في أسبوع .
أنا شخصيا حريص على متابعة أخبار الحكومة أولا بأول بحكم العمل , ومع ذلك فهذا لا يكفي , فأتابع شريط الفيديو المشغول بأناقة والذي يبث على صفحة رئاسة الوزراء على الفيس بوك كل نهاية أسبوع تقريبا بعنوان « الحكومة في أسبوع « الشريط يلخص نشاط رئيس الوزراء ويضيف لقطات سريعة لأنشطة بعض الوزراء المهمين وأحيانا يعيد نشر قرارات مجلس الوزراء التي يتم إتخاذها على مدى الأسبوع .
وسط البلد ومستشفى البشير كانا الأبرز بين الأنشطة التي تناولها الفيديو للأسبوع الفائت , وفي كل مرة يجري إكتشاف مستشفى البشير , وكأننا للمرة الأولى نعرف أنه في وضع بائس .
يبدو أن زيارة كشك الثقافة العربية زيارة واجبة على رؤساء الوزراء , فكل رئيس ينتظر شهرا منذ تكليفه ليقوم بهذه الخطوة فقد فعلها الدكتور هاني الملقي ولا أعرف ما إذا كان قد إشترى كتبا أم لا , لكن علمت أنه مر أيضا على بعض المتاجر وخصوصا تلك التي يعرفها منذ عهد الشباب , كذلك فعل الدكتور الرزاز .. الحمدالله هذه نعمة أن رؤساء الوزراء في بلدنا حريصون على الثقافة وعلى دعمها , وعلى القراءة والمواضبة عليها.
عنوان هذا الأسبوع في أنشطة الحكومة هو كشك الثقافة في وسط البلد والعودة الى الكتاب , مع أن الإنطباع الذي أحمله أنا شخصيا عن هذه الحكومة هي أنها حكومة آي تي تفضل العالم الإفتراضي , حيث يجول الوزراء فيها على مواقع التواصل الإجتماعي أو السوشل ميديا مع فنجان قهوة الصباح , يتواصلون مع المواطنين يغردون ويستقبلون التغريدات , يسألون ويصرحون ويجيبون , ويسبحون في عالم إفتراضي مع آلاف المستخدمين , طبعا لا يعرفون هذا من ذاك , لا يعرفون إن كان هذا المستخدم حقيقيا أم إفتراضيا , المهم في هذه العملية ههو الإنطباع الذي يأخذونه
من عالمهم الإفتراضي , لكن المهم أيضا هو ما يجدونه عندما يغادرون هذا العالم الى عالم الواقع .. يا إلهي هذا واقع مختلف , وكأن العالم الإفتراضي غير موجود أو هو حبيس الأجهزة والذبذبات , حتما يغادرون العالم الواقعي بخيبة أمل كبيرة , لا شك أن العالم الإفتراضي أجمل , خصوصا قبل نصف ساعة على موعد النوم .
الرأي