إن الحق في الحصول على المعلومة لحقٌ عظيم يضمنن أن يكون للشعب الحق في العلم والمشاركة والتغيير الإيجابي، وهذا الحق تكفله الهيئات الإعلامية سواء أكانت رسمية أم خاصة، والمصداقية روح هذا الحق وكيانه فإن انتفت أو كان نهج وسائل الإعلام تعمد إخفاء المعلومة أو الاستخفاف بعقول الناس فإن ذلك يفسح المجال لمثيري الفتن وعشاق الاصطياد في الماء العكر ليوهموا الرأي العام بأن أمرا ما قد حدث بوصفه حقيقة تفتقر لأدنى عناصر الحق والصدق.
وهناك بعض المعلومات التي لا تقبل النشر بطبيعتها كالأسرار العسكرية، وهنا تلعب الإشاعة دورا خطيرا في ترهيب الناس وتحطيم الروح المعنوية لديهم بغية نشر الفوضى والارتباك وصولا إلى دولة ضعيفة ومجتمع متردد ومتشتت، وكذلك فإن ادعاء العلم بمحتوى هذه الأسرار يعتبر أخطر من كشفها.
واليوم، تلعب مواقع التواصل دورا محوريا في الترويج للإشاعات، وأصبحت منبرا لأولئك الذين باتت مهمتهم تتلخص في بث الخوف والبلبلة في قلوب المواطنين بهدف ضرب المجتمع ونسيجه المترابط، وضرب استقرار الدولة وإضعاف مؤسساتها، وإحلال التشكيك مكان الثقة والغموض مكان الوضوح.
وقد أكدت شريعتنا الإسلامية السمحة على ضرورة التثبت من الأخبار وعدم الانجراف خلف أهل الفتن والأهواء والأهداف الخبيثة ودعت للتبين قبل اتخاذ القرار، كما أن القانون الأردني يعاقب على جريمة إثارة الفتن والقلاقل بوصفها إحدى جرائم أمن الدولة، والأخطر من ذلك أن بعض مثيري هذه الإشاعات قد يرتبطون بجهات خارجية أو داخلية هدفها العبث بمكتسبات الوطن وأمنه الاجتماعي وسلمه الأهلي، وبعضهم الآخر لا يدرك كنه تصرفاته ويجهل خطورة نقل أخبار كاذبة على أنها موثوقة.
ومعالجة داء الإشاعة تبدأ بالتوعية بخطورة خلقها وتداولها وبأثرها المدمر الذي قد يفوق أثر السلاح التقليدي، ولا بد من تطوير الإعلام الرسمي وتدعيم الثقة والمصداقية بينه وبين المواطن ليعبر عن همومه وخلجاته وحتى لا يلجأ الناس لمواقع غير موثوقة لاستقاء معلوماتهم، والعمل على معالجة المشكلات الاجتماعية والاقتصادية التي قد تدفع بعض الأفراد بيأس إلى درب اختلاق الإشاعات، وأخيرا لا بد من تطبيق نصوص القانون الرادعة بحزم ضد كل من تسول له نفسه العبث بأمن واستقرار بلدنا الحبيب وشعبه الذي يستحق الحياة.