نقاش صاخب بلقاء تشاوري حول تمثيل المرأة بالمواقع القيادية
المعايطة: لدينا مشكلة بعدم حصول المرأة على نصف مقاعد "النواب"
عمون - أمل الأطرش:
نقاش صاخب دون إرتفاع الأصوات شهده لقاء تشاوري نظمته شبكة البرلمانيات العربيات للمساواة (رائدات) الثلاثاء. وتمحور النقاش حول ورقة السياسات الخاصة برفع نسبة تمثيل المرأة في المواقع القيادية الحزبية والقوائم الإنتخابية التي تشكلها الأحزاب, والتي طورتها الشبكة بمشاركة اعضائها في نيسان/ ابريل 2018.
عقد اللقاء بدعم من الحزب الوطني الاسكتلندي – مؤسسة ويستمنستر للديمقراطية, بالتعاون مع نادي البرلمانيين الأردنيين.
رئيسة الشبكة د. رولا الحروب, قالت في كلمتها إن "الورقة تمثل قناعات 200 برلمانية عربية حالية وسابقة يأملن من الحكومات الأخذ به من إجراءات لرفع نسب تمثيل النساء في الأحزاب، خاصة في المواقع القيادية بهياكل الحزب ومؤسساته وهيئاته, وقوائمه الانتخابية باعتبارها الطريق الصحيح لإشراك المرأة في المجالس المنتخبة بعدالة وإنصاف وبما يعكس وجودها وتأثيرها في المجتمع ويحسن من آليات اصدار القرار في تلك المجالس عبر بوابة العمل الحزبي المنظم".
وأعربت الفرا عن أملها أن يتم تبني مقترحات الورقة من قبل "الحكومات والبرلمانات والأحزاب السياسية العربية, وأن تعمل على تكيفها وفقاً لظروفها السياسية وبما ينسجم مع واقع الأحزاب في كل دولة, وفقاً لإلتزامات معظم الدول العربية تجاه إتفاقيات ومواثيق حقوق الإنسان الدولية, ومنها (سيداو) وإعلان ومنهاج عمل بكين، إضافة إلى التزامها ضمن منظومة الأمم المتحدة لأهداف التنمية المستدامة التي ينص الهدف الخامس منها على تحقيق المناصفة بين النساء والرجال بحلول العام 2030، كشرط أساس لتحقيق بقية أهداف التنمية".
المعايطة: تقاسم مقاعد البرلمان مع النساء
وزيرالشؤون البرلمانية موسى المعايطة, راع اللقاء التشاوري, قال "بالرغم من أهمية التمكين السياسي, إلا أن التمكين الإقتصادي هو أهم أشكال التمكين, ونحن متأخرون فيه كثيراً فيما يخص المرأة, فهو من يمنحها الحرية والإستقلال ويجعلها متساوية مع الرجل, وبدونه لن يتم تمكين المرأة". وقال المعايطة إن الأحزاب السياسية لا تشكل رافعة أساسية في العمل السياسي, وأن الكوتا هي أحد أدوات التمكين السياسي, وأن التمييز بالكوتا هو حق, ويجب أن تستمر ويتم تطويرها في الهيئات التمثيلية المختلفة". وأضاف أنه "من غير المعقول أن يكون نصف المجتمع غير متواجد في الهيئات التمثلية المختلفة, وأن التمثيل النيابي هو أهم أشكال التمثيل السياسي, وأنه إذا لم تشكل النساء 50% من مجلس النواب, فإن لدينا مشكلة, ذلك أنه لا يجب تغييب التمثييل النسائي عن مجلس النواب والهيئات الأخرى", مؤكداً أن المجالس المحلية حققت تقدما, حيث تشكل النساء 40% من المجالس المحلية, فيما تشكل نسبة الكوتا فيها 15%, وذلك لأنها الأقرب للتعاطي مع المجتمع وتقدم خدمات, اضافة إلى أن النساء أقل فساداً من الرجال وأكثر التزاماً بالمصلحة العامة.
تضمن اللقاء جلستين حواريتين شارك بهما قيادات نسائية، ومنظمات وهيئات وجمعيات نسائية وحقوقية أردنية، ومراكز أبحاث ودرسات، إضافة إلى أكاديميين وهيئات دبلوماسية ومؤسسات دولية، وأمناء أحزاب سياسية أردنية.
وعرضت الناطق باسم الشبكة الدكتورة نوال الفاعوري، أبرز الأفكار التي تناولتها ورقة السياسات، داعية الدول العربية إلى وضع سياسات وترجمتها لمشاريع وبرامج، وإجراء تعديلات تشريعية، تحقق الأهداف التي دعت لها الورقة، والمتمثلة في رفع نسبة تمثيل النساء في هياكل الحزب ومؤسساته، وتوفير المصادر المالية للمرشحين والمرشحات في الحزب بعدالة، وتغيير المعايير الثقافية والاجتماعية التي تكرس الصور النمطية وتعيق وصول المرأة إلى القيادة السياسية في الحزب، والحكومة والبرلمان, وحرمان الحزب الذي لا يحقق الحد الأدنى من معايير المساواة بين الجنسين، والذي تتكون ثلثا قوائمه أو مرشحيه من جنس واحد من ثلث حصته التمويلية المخصصة للحملات الانتخابية.
وفاء بني مصطفى تبحث عن حزب
بالرغم من توصيف النائب وفاء بني مصطفى, الورقة النقاشية بأنها جيدة, إلا أنها ترى أن هناك اختلافا وتفاوتا بين الدول العربية فيما يتعلق بالحياة السياسية والأحزاب, متسائلة: كيف نبحث عن تمثيل النساء في الأحزاب, والأحزاب نفسها غير فاعلة ولا يوجد لها تمثيل حقيقي في الحكم والسلطة في الأردن, مؤكدة أنه لا يوجد سوى حزب واحد يتعاطى بفاعلية العمل الحزبي وهو حزب جبهة العمل الإسلامي, سواء اتفقنا أو اختلفنا معه, وهو الحزب الوحيد القادر على تقديم نفسه في الإنتخابات المحلية والوطنية, ويمتلك قواعد شعبية وقيادات وله فروع في محافظات المملكة.
وتكشف بني مصطفى عن أنها لا تزال في حالة بحث عن حزب قادر على أن يقدم لها ما يناسبها فكرياً وبرامجياً, ويدعمها في الإنتخابات, مؤكدة أن 17 امرأة من 20 امرأة وصلن إلى مجلس النواب بجهود فردية, بحيث لم يقدم لهن أي دعم تمويلي أو لوجستي, وأن ذلك يشكل حالة غير صحية.
وتقول بني مصطفى أن الأحزاب يجب أن تخرج من دورها الخيري والرعوي إلى دورها السياسي والسلطوي, وأن الحزب الذي لا يستطع إيصال أعضاءه إلى مجلس النواب وكافة الدوائر التمثيلية الأخرى, يجب عدم منحه تمويلاً, فالأحزاب ليست جمعيات خيرية أو دكاكين, بالرغم من أن عدد الأحزاب الكبير يؤكد ذلك. وترى بني مصطفى أن "دسترة" المواطنة, أو المساواة بين الرجل والمرأة, يشكل متطلباً أساسياً للتمثيل السياسي, والذي ينبغي أن يسبقه الإنطلاق في الحياة العامة, والبناء التراكمي السياسي للنساء, "لا أن تلعن كل أمة من سبقها" حسب تعبيرها. مشيرة إلى تواصل "التهديد" بالكوتا, حيث تُهدد النساء بأنه سيتم تخفيض عدد مقاعد الكوتا بحال تم تخفيض عدد أعضاء المجلس, مؤكدة أنه ينبغي زيادة نسبة الكوتا إن حدث ذلك.
د. رولا الفرا تقول أنها كانت تنظر للكوتا على أنها انتهاك للمساواة بين الأردنيين وفقاً للمادة السادسة من الدستور, إلا أنها بعد دخولها البرلمان أصبحت من الداعمين لها, مشيرة إلى أن دولاً نامية ومتقدمة تتعاطى مع الكوتا بأشكال مختلفة, منها كوتا القوائم الإنتخابية, أو الكوتا الحزبية.
فيما تسألت د. هالة عاهد/ إتحاد المرأة الأردنية إن كانت الكوتا بوضعها الحالي تساهم بمشاركة المرأة في الحياة السياسية أم لا..؟ وما هي الصعوبات التي تعيق وصول النساء إلى مواقع صنع القرار, وهل المقترحات التي تضمنتها ورقة السياسات لشبكة "رائدات" أو غيرها من المقترحات التي تقدم دائماً كافية لإيصال النساء المؤهلات إلى المواقع القيادية..؟
وتقول عاهد إن الكوتا التي نستند إليها في الإتفاقيات الدولية ومنها (سيدوا) يفترض أن تكون مؤقتة وأن تترافق مع إجراءات تقوم بها الدولة حتى تسهل وصول النساء لاحقاً دون الحاجة إلى الكوتا. وتضيف "أعتقد أن زيادة عدد المقاعد النيابية هو شكلي دون أن يكون هناك مشاركة حقيقية للنساء في الحياة السياسية, بمعنى الوصول فقط إلى مقاعد المجلس", مشيرة إلى أنها تتفق مع مطالبات ورقة السياسات لشبكة "رائدات" كونها تنسجم وتشجع النساء على الدخول في الحياة الحزبية, مستدركة, ولكن أين هي الأحزاب في قانون الإنتخاب..؟
تمثيل نوعي لا شكلي
الناطق الاعلامي بإسم كتلة الإصلاح النيابية, وعضو حزب جبهة العمل الإسلامي, د. ديما طهبوب تقول أن جبهة العمل الإسلامي أجرت مراجعات فكرية أدت إلى تغيير الأنظمة الداخلية للحزب, ما أنتج حالة ساهمت بترشيح 20 امرأة على قوائم الحزب في الانتخابات النيابية الأخيرة من مختلف محافظات المملكة, مشيرة إلى أنها لم تتلق أي دعم عندما ترشحت للإنتخابات من أي مؤسسة نسائية سواء حكومية أو أهلية, وأنه بالرغم من كثرة المؤسسات النسائية, إلا أن دعمها وإنجازاتها قليلة, وأحياناً قد يحجب الدعم بسبب الإختلاف السياسي.
وتضيف طهبوب أنها منعت من العمل في جامعة حكومية لأنها حزبية, مؤكدة أن استمرار حالة "التخويف" من الأحزاب ستؤدي إلى إحجام الناس عن المشاركة في الحياة السياسية, إضافة إلى أن تفصيل القوانين للحالة الحزبية, ليس من أجل استثناء الرجال أو النساء, بل لإستثناء الحالة الحزبية بكليتها, وبالتالي, عدم وصول أحزاب برامجية إلى البرلمان تمكنها من تكوين كتل مؤثرة. مؤكدة أن المشاركة النوعية للنساء هي الأهم, وأن تأتي من حالة حزبية, أو تطوعية, أو نقابية, أو من حالة قيادية, تدرجت في المناصب, ولم تهبط بالبارشوات على المنصب.
سالم الفلاحات: الإقتتال على جلد الدب
سالم الفلاحات/ حزب الشراكة والإنقاذ, تساءل إن كانت "مشكلتنا في تغييب المرأة الأردنية والعربية عن القرار السياسي أم أن مشكلتنا هي غياب المواطن العربي بكل تفصيلاته عن القرار السياسي, وهل يوجد عدالة وليس مساواة في بلادنا حتى نتقاسم رجالاً ونساءً, ليبراليين ومتدينين, أو أحياناً للأسف مسلمين ومسيحيين, أو شباباً وكهول.. أعتقد أن 50% من الطاقات البشرية معطلة أحياناً ليس لأنها امرأة, هذا غير صحيح, لكن المشكلة هي أن 100% معطلة, والممارسة الديمقراطية المتوفرة هي شكلية, وما سمعته في هذه القاعة يؤكد ذلك, وأعتقد أنه عندما نصل كعرب إلى اختيار ممثلينا في المجالس التشريعية بإرادتنا الحرة ولا تبقى الانظمة متسلطة وتختار ممثلي الشعب ليكونوا جزءً خادماً للسلطة التنفيذية, التي يمتلكونها.. عندها وبعدها يتوجب علينا رجالاً ونساءً شباباً وكهولاً نقابيين وغير نقابيين اقليات وغير اقليات, أن نناضل حتى نصل إلى هذه المرحلة, لا أن نتقاتل على جلد الدب قبل اصطياده".