لمن تدخرون الماء؟!أحمد فهيم
01-08-2018 08:13 PM
حين تُحلِّق خطوط الملاحة الجوية في سماء الأردن وينظر شعوب العالم من نوافذ الطائرات إلى "أرض العزم"، يرون مساحات شاسعة من الجغرافيا الصحراوية القاسية خاصة في جنوبي وشرقي المملكة، لدرجة أن بعض وسائل الإعلام الغربية الكبرى مثل (سي إن إن) كانت حتى وقت قريب تسمي الأردن (صحراء الأردن) للتعبير عن عموم الوطن والدولة التي تغنى الأسلاف بقمحها وقثائها وتينها وزيتونها المبارك ببركة بيت المقدس وأكناف بيت المقدس، والمشكلة لا تقتصر هنا على مجرد الصورة النمطية (السياحية) السلبية التي تتشكل لدى الأشقاء والأصدقاء حين يرون رمالا صفراء ورقعة كبيرة من البلاد غير مأهولة بالسكان، بل تكمن في حجم الفرصة الاستثمارية التي نهدرها عاما بعد عام جراء إعراض الحكومات الأردنية عن دعم مشاريع استصلاح الأراضي الصحراوية لغايات الإنتاج الزراعي، مع أن خزائن الدولة توشك على النفاد بانتظار ما قد يجود به المانحون من ريع خارجي آخذ بالاضمحلال التدريجي، وأما الفقر والبطالة فينهشان ما تبقى لهذا الجيل من بصيص أمل، ولو نظر الواقفون على طوابير الانتظار في ديوان الخدمة المدنية إلى الأسفل لاكتشفوا أن تحت أقدامهم ترابا كغبار الذهب، ترابا صالحا هندسيا لزراعة محاصيل وثمار لا تعد ولا تحصى (التمر المجهول أحدث نماذجها)، والأهم من ذلك أنها تربة بكر تطفو على بحار من المياه الجوفية العذبة وليس كما يزعم البعض، لكن الدولة - يا رعاها الله - تدخر هذا الماء تحت الأرض لأسباب مجهولة ولا تمنح التراخيص لحفر الآبار الارتوازية إلا بشق الأنفس وعلى نحو لا يخلو أحيانا من المحاباة، كما أنها تستبسل - مشكورة - ضد كل من تسول له نفسه الحفر دون ترخيص، إذ لا تكتفي بردم بئره ومصادرة معداته، بل وتحيله إلى محاكم استثنائية. |
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * |
بقي لك 500 حرف
|
رمز التحقق : |
تحديث الرمز
أكتب الرمز :
|
برمجة واستضافة