صور سيئة ومحزنة تثير الغضب الشديد من داخل مستشفى البشير لقسم السرطان، لم يتم نشرها لتعهد اللجنة الوطنية العليا لدعم مرضى السرطان بذلك لإدارة المستشفى، وكان المصوّر الزميل فارس خليفة قد نشر أمس صورة وحيدة من بين عشرات الصور حول الحالة المزرية للمرافق.
في الوقت نفسه، كانت النائب فضية الديات تزور المستشفى وتطّلع على الأوضاع في قسم الصدرية وتطالب وزير الصحة بالاهتمام بذلك. قبل هذا وذاك (بشهور)، كان المصور خليفة نفسه يلتقط صوراً محزنة لغرفة الانتظار للمرضى في المستشفى، وهم يفترشون الأرض منذ الصباح الباكر بانتظار المحاسب المالي، من دون أدنى المقومات، وأرسلت الصور حينها إلى وزير الدولة لشوؤن الإعلام والاتصال، محمد المومني، الذي أرسلها بدوره إلى وزير الصحة، د. محمود الشياب، فقام بزيارة المستشفى وتوفير المقاعد وتحسين الأوضاع، وأرسل لي وزير الإعلام الصور الجديدة بعد التحسينات التي حدثت.
مثل هذه الخطوات والإجراءات والقصص لا تجدي بصورة فعلية وحقيقية، تُحدث تغيراً جزئياً ومؤقتاً، ثم لا يلبث الأمر أن يعود لطبيعته بعد فترة قصيرة، لذلك لا بد من حل جذري وكبير لمستشفى البشير الذي استعصى على كل الحكومات، فهل ينجز هذه المهمة الوطنية الكبرى الرزاز بعد أن أنهى مشكلة بركة البيبسي التي عجز أمامها المسؤولون الجهابذة في الدولة عقوداً طويلة!
بالعودة إلى قصة مرضى السرطان والقسم الخاص بهم في مستشفى البشير، فبالرغم من تأكيد المسؤولين الدائم قدرته على توفير العلاج المناسب، فإنّ الصور والمعلومات والتقارير تؤكد نقيض ذلك تماماً، بل القسم في حالة مخجلة لا تليق بدولة من أكثر الدول تخلفاً في العالم، والمرافق من غرف وحمامات وأسرّة في وضع مأساوي من حيث النظافة والسلامة، وهي التي من المفترض أن تكون على درجة عالية من الخدمات والشروط الصحية، لكن الأمر على النقيض من ذلك.
القائمون على اللجنة الوطنية العليا لدعم مرضى السرطان ينوون إطلاق حملة كبيرة في الثامن من الشهر الحالي لتأهيل قسم السرطان، وهو مجهود مهم ويشكرون عليه، لكن المطلوب أكثر من ذلك اليوم لإعادة تأهيل مستشفى البشير ذاته الذي يخدم مناطق شعبية واسعة ويستقبل أعداداً كبيرة وهائلة من المرضى يومياً، وذلك يتطلب حلولاً استثنائية وجوهرية على صعيد المرافق والنظافة والإمكانيات البشرية والمالية، وأهم ذلك الإدارة الكفؤة القادرة على تحقيق أفضل نتائج بالموارد المتوافرة أو تلك التي يمكن أن توفّر.
نجاح الرزاز في إنجاز "مهمة البشير" سيكون علامة قوية لجدية الحكومة ومصداقية خطابها في حق المواطنين في تحسين الخدمات وتطويرها لتكون متناسبة تماماً مع حجم الرسوم والضرائب المباشرة وغير المباشرة التي يدفعها الناس هنا. من المفترض أن تشمل هذه المهمة نمطاً إدارياً جديداً يغرس بوضوح وعمق المفاهيم الجديدة التي نتحدث عنها في العلاقة بين الدولة والمواطن وسيادة منطق الإدارة الفاعلة والمساءلة والشفافية وإنهاء عهد المزاجية والفردية والشللية في الأعمال الحكومية.
قبل أسابيع قليلة، نشرتُ صوراً لجسر مشاة في شارع المدينة المنوّرة، في حسابي على موقع "تويتر"، فتفاجأت خلال دقائق برد من الأمانة على الصفحة بتلقي الملاحظة، وخلال ساعتين أرسلوا لي صوراً لحالة الجسر بعدما تم إزالة القمامة بصورة نهائية، مثل هذا التوجه يعكس إدراكاً جديداً للعلاقة بين المواطن والدولة ودور البلديات والموظفين، بالطبع لا يمكن تحقيق كل شيء مرة واحدة، لكن دعونا في البداية نتخلص من ثقافة الإهمال والكسل واللامبالاة والواسطات والشللية لأنّ ذلك هو خط البداية.
ملاحظة: كُتب هذا المقال قبل زيارة رئيس الوزراء عمر الرزاز إلى مستشفى البشير أمس.
الغد