"تايرا" .. سحر أبرز معرض رسوم جدارية تاريخي في صحراء تشيلي
31-07-2018 07:46 PM
عمون - قبل قرابة الثلاثة آلاف سنة، نحت رعاة ومسافرون الصخر في وادي تايرا الواقع في صحراء أتاكاما، جاعلين من هذا الموقع الذي يطمح اليوم إلى أن يدرج على قائمة التراث العالمي، مركزاً لفن الرسوم الجدارية في تشيلي.
وتعتبر المحطة الأبرز في هذا المعرض في الهواء الطلق المقام على ارتفاع 3150 متراً في شمال البلاد، موقع أليرو تايرا الذي يضم مجموعة من رسوم حيوان اللاما.
الأرض المقدسة
هذا الحيوان المنتشر في كل منطقة جبال الانديس كان لآلاف السنين مصدر الغنى الرئيسي لسكان اكثر صحارى العالم قحلاً في العالم، وكان يقدم كأضاح في طقوس مختلفة في المنطقة ولا سيما تلك المكرسة لـ"باشا ماما الأرض" المعيلة المقدسة لدى الهنود.
وتمثل 90 % من الرسوم حيوانات اللاما بالأصفر الأمغر والأبيض والأحمر، وبأحجام مختلفة صغيرة وكبيرة وهي ترضع أو تتحرك، وتعكس هذه الرسوم أيضاً تنوع الصحراء بثعالبها ونعاماتها وكلابها وأفاعيها وحجالها.
الاشكال البشرية القليلة المرسومة صغيرة كما لو أن هؤلاء الرجال "يحاولون عدم البروز أمام عظمة هذه الحيوانات المهمة جداً في اقتصادهم" على ما يحلل عالم الاثار خوسيه بيرينغوير الذي يدرس منذ 35 عاما هذا الموقع الذي يعتبره "الأكثر عمقاً في أميركا الجنوبية".
واكتشف عالم الاثار السويدي ستيغ ريدن العام 1944 هذه الرسوم التي تعود الى ما بين 2400 و2800 سنة، إلا أن بيرينغوير يعتبر أن موقع تايرا هو قبل كل شيء "احتفاء بالحياة وهي من طقوس الرعاة المكرسة لزيادة قطعانهم في حوار رصين مع الالهة التي تحكم الأرض والسماء".
وصية
وتؤكد روموالدا غاليغيوس وهي من السكان الاصليين الذين لا يزالون يعتاشون من تربية اللاما مثل أسلافها، أن الموقع بمثابة "وصية من الأجداد" الذين كانوا أميين.
وتتمنى جماعة السكان الأصليين في تايرا ان تجعل من هذا الموقع قبلة سياحية مستدامة ومنظمة.
ويؤكد خوسيه بيرينغوير وهو امين متحف فن ما قبل مجيء كولومبوس في سانتياغو "لا يمكن لأحد أن يفهم ما انجز قبل 18 ألف سنة لأن هذه الشعوب اختفت، هنا يمكننا أن ندرك المعنى لأننا على اطلاع على خصائص هذه الشعوب إذ لا يزال ثمة أشخاص يستخدمون التقنيات نفسها تقريبا"، فقبل 2500 سنة كان سكان يرصدون السماء في شمال تشيلي الذي استحال الآن جنة علماء الفلك.
مرصد "ألما".. "عالم أجدادنا"
وكان سكان تلك المنطقة الوعرة قادرين على تفسير حركة النجوم لترويض الصحراء ومخاطرها على ما جاء في كتاب "عالم أجدادنا" وهو مشروع لتفسير عمليات الرصد الفلكية في الماضي باشراف مرصد "الما" ومتحف الآثار غوستافو لو بيج.
ويعد "الما" اكبر تلسكوب راديوي في العالمـ وهو منصوب في شمال تشيلي أيضاً ويدار بالاشتراك بين أوروبا وأميركا الشمالية وآسيا وبالتعاون مع تشيلي.
وتقع تايرا على محور تصطف فيه عدة مواقع مقدسة منها "عين الرمل" في سيراوي حيث كان السكان الأصليون يقيمون صلوات الاستسقاء وبركان سان بيدرو وتلة كولورادا وسهل كويستيسيا.
ويؤكد بيرينغوير ان تايرا "لا تضاهيها الكثير من المواقع على صعيد الجمال والعمق" آملاً ان يتمكن قريباً من ترشيح الموقع لإدراجه على قائمة التراث العالمي للبشرية التي تعدها اليونسكو، على غرار معاقل أخرى للرسوم الجدارية على الصخر، أقدم منه بكثير مثل كهوف التاميرا في إسبانيا ولاسكو في فرنسا.
أ ف ب