الحكومة تعني السلطة التنفيذية، وصاحبة الولاية العامة، والحوكمة تعني المشاركة والشفافية والمساءلة، وهي
المقياس الحقيقي لمستوى أداء الحكومة وجميع ما يتبع لها من وزارات ومؤسسات، وما يتصل بها من قطاعات وهيئات ومنظمات، وهي الوسيلة الصحيحة للتعرف على كفاءة وخبرة وقدرة القائمين على الشأن العام وفق معايير دولية، ومؤشرات ترصدها منظمات عالمية متخصصة في تقييم الدول.
الحوكمة في حد ذاتها عملية متكاملة تضبط الإدارة العامة من ناحية، وتنظم عمليات اتخاذ القرار، تتحول لمنهج إداري
وأخلاقي، وقد سعينا من خلال مجلس حوكمة الجامعات العربية الذي أتشرف برئاسة أمانته العامة إلى اعتماد الحوكمة
في مؤسسات التعليم العالي، بما في ذلك حوكمة المناهج والمساقات والبحث العلمي، وخرجنا بتوصيات تضمن الجدية والالتزام، وخدمة المجتمع ومتطلبات التنمية فضلاعن التحديث والتطوير ومحاكاة التجارب العالمية المثلى.
في مؤتمر بعنوان "حوكمة المناهج المدرسية العربية – الواقع والمأمول – الأردن نموذجا " والذي نظمته الأمانة العامة لمجلس حوكمة الجامعات العربية، تحدث الدكتور عمر الرزاز بصفته وزير التربية والتعليم في ذلك الحين عن ضرورة تشجيع الطلبة على السؤال والبحث عن الإجابة والعمل ضمن عقلية الفريق، وكتبت على إثر ذلك مقالا بعنوان" شجرة الزيتون "التي ضربها الدكتور عمر الرزاز مثلا في تدريس الصفوف المدرسية الأولى للتعرف من خلالها على موقع الدولة وجغرافيتها ومناخها، إلى جانب معرفة خصائص الشجرة كمصدر غذائي، وتركيب مادة الزيت، واستخداماتها، وغير ذلك من علوم تدور حول الشجرة، أو تحت ظلالها.
وقلت في ذلك المقال، وأعيده مرة أخرى، تصلح الزيتونة مثالا مناسبا حين نرى الشجرة قد هرمت أو ضعفت أو قل خيرها، ويصبح السؤال، هل نرممها ونطعمها، أم نخلعها، أم نغرس شجرة جديدة يانعة بدلا منها ؟
المهم أن نتعلم منها الدرس المفيد أي درس التجدد بدل التبدد، والتقدم بدل التقادم !
على مدى أقل من شهرين رأينا الدكتور عمر الرزاز رئيس الوزراء الآن، وهو يترجم في كثير من مواقفه وزياراته الميدانية، وتواصله مع المواطنين بصورة مباشرة أو عبر منصات التواصل الاجتماعي الجوانب الأساسية في الحوكمة، أي المشاركة في اتخاذ القرار، والشفافية في عرض قرارات الحكومة وتوجهاتها، والمساءلة في الأداء العام، من خلال متابعة المسؤولين ومعالجة الأخطاء، فضلا عن مكافحة الفساد بجميع أشكاله.
ويمكننا اليوم أن نعيد التذكير بشجرة الزيتون، الشجرة الطيبة المباركة، لكي نرى فيها الأردن الطيب المبارك، ونستذكر من جديد "الحراثين والفلاحين" ولا ننسى أنهم زرعوا هذه الأرض بالحكمة، والموعظة الحسنة، وأنهم أول من أنشأ الحوكمة ومارسها دون أن يعرفوا عنها شيئا، فقد تشكلت خبرتهم من خلال فهمهم للحياة ومعانيها وضوابطها، وكانت نظرتهم إلى السماء ايمانا صافيا، ورصدا لتحولات الطقس، واتجاهات الرياح والغيوم، وكانوا يدركون بفراستهم أمزجة الطقس، والمواعيد والمواسم، كي تأتي على قدر آمالهم، ومحبتهم للأرض، وما يزالون!.
yacoub@meuco.jo
الرأي