عجت مواقع التواصل الإجتماعي بالتعليق على تصريحات معالي نائب رئيس الوزراء الأسبق الدكتور جواد العناني، وفي غالبيتها كانت تهكماً او نكاتاً خلت من اي معنى او فائدة، ولأنني قرأت جميع ما صرح به ايقنت تماماً بأن المتهكمين لم يقرأوا الا جملة "النفط لم ينضج بعد"، او انهم لم يفهموا ما تحدث به اصلاً.
لست خبيراً اقتصادياً كالعناني، ولا خبيراً في علوم الجيولوجيا كالمهندس بهجت العدوان نقيب الجيولوجيين السابق، والذي اكد لاحقاً على صحة تصريحات العناني، لكي اقيم تلك التصريحات او اعقب عليها، ولكن المحزن من وجهة نظري بأن يتم التقييم والتعليق على مواضيع متخصصة كهذه من فئة سطحية همها الوحيد حصد اكبر عدد من "اللايكات".
وفي نفس السياق ايضاً، قرأت منشوراً لمن يصف نفسه بأنه ناشط سياسي، ينتقد امين سر مجلس الوزراء "سامي الداوود"...، لن اخوض بتفاصيل الافتراءات التي كالها له كلها، ولست هنا بمقام الدفاع عن "الداوود"، فهو اجدر بالدفاع عن نفسه؛ او الترفع عن الرد، ولكن لبيان بعض الحقائق عن الناقد والمنتقد: معظم الأمناء العامين يتم تعيينهم كمندوبين للحكومة في الشركات التي تساهم بها ولم يكن هذا حصراً "للداوود" فقط.
"الداوود" لم يجمع بين ثلاث عضويات (شركة المناطق الحرة التنموية، شركة البوتاس، شركة البترول الوطنية) كما اشيع، وانما كانت بالتراتب.
اختيار "الداوود" رئيسا غير متفرغ لشركة البترول جاء وفقاً للأعراف المتبعة في الحالات المتشابهة، ففي حال عدم وجود وزير يتم اختيار الرئيس بناء على الأقدمية من الدرجات العليا مع العلم بأن الرئيس الغير متفرغ لا يملك اي صلاحيات تنفيذية في الشركة.
ذكر "الناقد" بأن "المنتقد" يتقاضى مبالغ كبيرة جداً نظير "ما دحض سابقاً"، وبالبحث عن ذلك: وفقاً لقرار مجلس الوزراء(1943) بتاريخ 26-2-2017 يتقاضى ممثل الحكومة في مثل هذه الشركات بحد اقصى مبلغ 500 دينار مهما بلغت عدد العضويات او مخصصات الموقع، و اذا كان رئيساً لمجلس ادارة لأي من تلك الشركات، فانه يتقاضى مبلغ 1500 دينار يتم توريدها الى وزارة المالية، ويصرف للرئيس منها فقط مالا يزيد عن نصف راتبه وذلك وفقاً للمادة (19) من نظام الخدمة المدنية رقم (82) لسنة 2013- وهذه المواد وتفصيلاتها متاحة للجميع في الجريدة الرسمية و موقع رئاسة الوزراء للتأكد- وعليه فان المبالغ التي ذكرها "الناقد" ضربٌ من الخيال.
يطالب "الناقد" في منشور سابق له بتولي الشباب المناصب القيادية، واول انتقاد له "للداوود" كانت لصغر سنه!!!
حالة " العناني" و "الداوود" ليست الا امثلة على الإنفلات على مواقع التواصل الإجتماعي، وهي حالة مثيرة للإشمئزاز عندما نرى منتقد "العناني" طالباً لم يكمل تعليمه بسبب تدني تحصيله الجامعي، ومنتقد "الداوود" شخصية جدلية، معروفة بإبتزازها للشخصيات العامة، وله علاقات مشبوهة مع المدعو "مضر زهران".
ولمثل هذا الإنفلات اثار سلبية كثيرة، فمثلاً:
اذا تم التعليق والسخرية من كل ذي اختصاص بسبب رأيه، بالنتيجة فإنه سيفكر الف مرة لاحقاً قبل الإدلاء بأي تصريح، وسيُحجِم كذلك العديد من اصحاب الفكر والمتخصصين عن ابداء ارائهم كذلك.
ايضاً المتابع الخارجي لمواقع التواصل الأردنية، سيجد سماجةً و فكاهة تطال قياديي الدولة من تنفيذيين و مشرعين ...الخ، وذلك يؤثر على مصداقية المتخصصين و رموز العمل العام وهو ما يؤثر بالسلب على قرارات الإستثمار الخارجي وتنافسية الموظف الأردني للعمل في الخارج.
من ناحية اخرى الإنخراط في تداول تلك الرسائل "عن غير علم"، يساعد "المتنفذين فيسبوكياً" على قيادة الرأي العام، وابتزاز الشخصيات العامة، وتهميش اصحاب الخبرة والرأي، وبإختصار كلمة "الرويبضة" تفي بالمقصود.
اثار الانجراف وراء مواقع التواصل كثيرة وخطيرة، والخوض في مواضيع دون علم يؤثر سلباً على الجميع، وقليلٌ من العلم بالشيء: مُضِر.