كنت أطلع قبل فترة على الدستور الأردني اطلاعا عابرا سريعا لغاية في نفس يعقوب فإذا بالصدمة تتملكني حين وجدته خاويا خاليا من أي مادة تكفل بأي شكل من الأشكال حرية الاعتقاد.
لعلني لا أغالي إذا قلت بان كل ما نفعله لمواجهة الإرهاب ما هو إلا مجرد زوبعة في فنجان قهوة مدة أن الدستور لا يتضمن موادا تنص على ان حرية الاعتقاد مطلقة، وأن الدولة تكفل هذه الحرية.
ننبذ التعصب لكننا نصنعه بأنفسنا! نحارب العنصرية لكننا نزرعها بأنفسنا! نضع الخطط والاستراتيجيات لمواجهة الإرهاب لكننا نوفر له البيئة المناسبة بأنفسنا! نفعل كل ذلك بأنفسنا لا شعوريا من حيث لا ندري حين نشكل معتقدات أطفالنا بقوالبنا العقائدية التي شكلها لنا أجدادنا!
يولد الفرد منا صفحة بيضاء خالية نقية من أي معتقد؛ فلماذا لا نترك هذه الصفحة بيضاء حتى يقرر هو بنفسه العقيدة التي يراها الطريق المناسب لسلوكه في حياته؟ لماذا نعطي الفرصة للوالدين أن يخطا على هذه الصفحة ما خطه الاجداد على صفحة كل منهما مما ورثوه عن أسلافهم؟ لماذا لا نذخر هذه الفرصة للطفل نفسه حين يكبر فيخط على صفحته الخاصة به
ما يراه حقا في نظره؟
الاعتقاد لدى الفرد يفترض به أن يكون قرارا شخصيا مستقلا لا اكتسابا أو ميراثا من أي جهة كانت!
وعليه فإن مسؤولية الوالدين أن يربيا أطفالهما تربية أخلاقية لا تربية دينية! واجب الوالدين أن يرشدا أولادهما إلى الأخلاق لا إلى الدين! دور الدولة أن تعلم الطالب تربية أخلاقية لا تربية دينية مسيحية كانت أم إسلامية ام غير ذلك من ديانات ما أنزل الله بها من سلطان!
دعوا الإنسان يقرر بنفسه عقيدته متى شاء وأينما أراد! دعوه بنفسه يؤمن فيما إذا كان إبن مريم هو ابن الله أم لا! دعوه بنفسه يشهد فيما إذا كان المصطفى خاتم الأنبياء والرسل أم لا! دعوه بنفسه يقرر فيما إذا كانت الهندوسية خلاصا له أم لا!
الإيمان يفترض به أن يكون نابعا من القلب لا مغروسا مزروعا فيه! الإيمان يفترض به أن يكون قرارا شخصيا مستقلا خاصا بالفرد نفسه لا مقررا إجباريا إن كان من الأهل أم المجتمع! الإيمان يفترض به أن يختار العقيدة لا ان يجبر عليها!
أعرف أن ما تضمنته السطور أعلاه من أفكار من الصعب ان يتقبلها أحد، وأنه من الصعب جدا أن تكون قابلة للتطبيق عمليا، لكن الأمر ليس مستحيلا!
وأولى الخطوات المفترض بنا اتخاذها لنشر ثقافة حرية الاعتقاد هي تضمين الدستور موادا تنص على حرية الاعتقاد، وأن تكفل الدولة هذه الحرية!