الثقة بالوطن .. علامة أردنية
محمد يونس العبادي
29-07-2018 05:48 PM
في سيرته السياسية الممتدة مر الأردن بمراحل مفصلية ، حملته إلى أن يكون كما وصفه سفير سابق لبريطانيا في عمان بأنه "وطن على الحافة".
فالأردن ومنذ تأسيسه لم يمض عليه عقد ويزيد إلا وشاب سيرته السياسية نوع من الإنعطاف في طريقة أداء سلوك بعض طبقته السياسية مدفوعة بشح موارد البلاد، ولكن قارئ الأمر في ظاهره يحسب أنها تضعف هذا الوطن ولكنها تقويه.
فمثالاً، عهد الإمارة الذي شهد نوعاً مما أسماه المؤرخون السياسيون على أنه معارضة، نظراً للبرنامج الذي سعى إلى إنهاء الإنتداب والإستقلال ورفع الظلم عن العباد.
وبعد عقود من انعقاده عام 1928م، تلاقت الرؤى الوطنية للمؤتمر الوطني الأول مع العرش حاملة المشروع الوطني الأول للتحقق، في زمان الملك المؤسس، إذ بين عامي 1928م والأعوام 1946م حسب كثيرون أن الأردن يشوب تاريخه السياسي تناقض، والمجريات أثبتت أن الأردن برمزيته الملكية أقرب إلى وجدان الناس.
وحين مر عقد "المحنة" السياسية، خمسينات القرن الماضي، حيث أنتج هذا العقد طبقة من السياسيين المرتبطين بأيديولوجيات حملت المزاودة على الأردن، وباتت أبواقاً، حسب البعض أن الأردن يتفاضل بعيداً عن واقعه، إذ مرت آنذاك حركة الضباط الأحرار، فضلاً عن وجود ظاهرة "تآمر" عبر الداخل تسربت إلى الجهاز الحكومي والعسكري، ولكن صدقية الموقف والمبدأ تفاضلت، وانتصر الأردن برمزيته الملكية.
وما تلا من أحداث مروراً بالنكسة عام 1967م، وما تبعها من حوادث في أيلول 1970م، إذ حسب البعض آنذاك أيضاً، أن الأردن أقرب ما يكون إلى الضعف ولكنه أعاد إنتاج نفسه بنهضة وطنية حملت الدولة إلى أن تصبح أقوى وأكثر حيوية.
اضافةً لذلك، فعقد الثمانينات شهد الحرب العراقية الإيرانية، وكان البعض يراهن على عدم مقدرة الأردن أن يتجاوز تبعات ما بعد الحرب.. فتخطاها مثبتاً محوريته بالمنطقة.
وأيضاً، هبة نيسان عام 1989م ، وما تلاها من "نكسة " اقتصادية وصولاً للتاريخ المعلوم بموقف الأردن في أزمة الخليج، كلها محن تخطاها الأردن وأعاد حيويته.
واليوم، نحن أمام عناوين داخلية وخارجية واستحقاقات وأزمات.. يكثر الحديث فيها، وتعلو الأصوات، ولكن الثقة بالوطن ووجدانه الهاشمي النقي يؤكد أننا قادرون على تجاوز المحن.
فعناوين صفقة القرن، وأصوات الداخل المتتابعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وسواها من قضايا تتكشف لفساد تسلل إلى بعض المؤسسات، ليست إلا جزءاً من حوارٍ وطني موصول سيتوج حتماً بمشروع وطني قادم يعيد للأردن حيويته.
بالمحصلة فإن هذا الوطن كما ينجح دوماً بتخطي المحن، ينجح دوما ً بأن يحمل وطنيته لتتحقق بفضل العرش الهاشمي.. وعلى هذا يمضي لمئويته واثقاً ، فالثقة بالوطن علامة أردنية برهنها التاريخ دوماً.
حمى الله الأردن