الدور المطلوب من الجامعة لتحقيق مفهوم التنمية الشامل
أ.د. عدنان المساعدة
29-07-2018 01:30 AM
ان الدور المناط بالجامعات واساتذتها تجاه المجتمع يعتبر من صلب عمل ومسؤوليات وأخلاقيات العمل الأكاديمي لتحقيق التنمية بمفهومها الشمولي ومنها التنمية الفكرية، وترسيخ المجتمع العلمي، والقدرة على التفكير الشمولي
في حلول المشكلات والأزمات، والقدرة العقلية على التحليل، وتنمية الدافعية لدى الطلبة وتحفيزهم على الإبداع.
إضافة إلى ترسيخ مفهوم المشاركة وتعزيز قيم الانتماء الحقيقي، والحرية المسؤولة تجاه جامعته ووطنه، لتبقى هذه الصروح العلمية قويّة ترفد المجتمع وتخرج أجيالا قادرة على تحقيق الأهداف والأولويات، ولتصبح الجامعات قادرة على ترجمة نظرة التفاؤل بمستقبل الوطن وقدرة أبنائه ونضوج تجربتهم لتجاوز كل الصعاب.
كما ان قيام الجامعات بمسؤولياتها وتنفيذ استراتيجياتها العامة بمنهجية واضحة وخطط مدروسة واضحة المعالم لتأدية دورها التنموي الفاعل فان ذلك ودون أدنى شك سينعكس ايجابيا على المجتمع وتقدمه الذي هو في أمس الحاجة الى الخريجين المؤهلين الذين ستلقى عليهم مسؤولية التوجيه والقيادة لمسارات المجتمع والوصول بها الى دروب التنمية بمختلف صورها وأبعادها مما يعزّز الثقة في هذه الصروح العلمية التي تسهم في تنمية القدرات البشرية وإطلاق طاقات الشباب الكامنة وتوظيفها بأسلوب علمي رصين.
ولنتفق ايضا، ان مهمة الأستاذ الجامعي بالإضافة الى التدريس والبحث العلمي، هي مهمة تربوية تسعى لإضفاء المسحة الثقافية وترسيخ مفهوم الوعاء الثقافي الشمولي لدى طلبة الجامعات الذي يعدّ ركناً أساسياً وداعماً حقيقياً لبرامج التنمية، ممّا يتطلب أن يكون الأستاذ الجامعي مؤهلاً تربوياً الى جانب تأهيله المعرفي والأكاديمي، ويمتلك القدرة في التأثير ايجابيا على سلوك الطلبة وعاداتهم وطرق تفكيرهم، وبناء عقلية الإبداع والابتكار وتوجيهها في مسارات هادفة نوعا وكما، وتعظيم قيمة العمل والعطاء الذي يرسّخ مفهوم الإنتاج وينعكس على تنمية المجتمع، لان الإنسان المؤهل والمبدع والمنتمي والحريص على العمل المخلص الدؤوب هو الذي يمتلك القدرة على فهم مستجدات العصر ومتابعة التطور، وهو الأكثر قدرة على العطاء والإنجاز، لذا فإن الاستمرار في عملية تطوير التعليم الجامعي لبناء الإطار الفكري والإنساني والتربوي الحداثي وغرس مفاهيم الوعي وترسيخ القيم الايجابية في المجتمع الجامعي، حيث أن التغيرات التي شهدها العالم أدت الى احداث تغيير قيمي لدى الشباب، فالقيم الاجتماعية والأخلاقية، مثل احترام الوقت وادارته، التسامح، حب الوطن، الانتماء للأمة أصبحت متفاوتة في وعي وتفكير الشباب.
ومن اجل تحقيق مخرجات تمتاز بالجودة والنوعية والمستوى الرفيع، فان المراجعة المستمرة والتقييم المبني على القياس من وقت لآخر يعد ضرورة مهمة. ويتمّثل ذلك بتحقيق التمّيز في مجال البحث العلمي الذي يسند محور التنمية، وخصوصاً اذا تم توجيه ذلك الى المتطلبات التي يحتاجها المجتمع ومن هنا فعلينا أن نترسم التوجيهات الملكية السامية التي تركز دائماً على أن النهضة الحقيقية واساسيات التنمية الشاملة تبدأ من مدارسنا ومعاهدنا وجامعاتنا.
وعلى الجامعات أن تسمو وتترفع عن الصغائر وإزالة كل الرواسب والسلبيات التي تظهر من وقت لآخر حيث ما زلنا نقف موقف المتفرج دون أن يكون هناك أدنى علاج ووضع الامور في نصابها الصحيح على المسار الاكاديمي المتميز علما وسلوكا واخلاقيات دون مجاملة او استرضاء لاحد حيث من المؤسف ان تجد بعض الممارسات الخاطئة التي يمارسها البعض ومنها المعارضة من اجل المعارضة والتلميح والتصريح والاستقواء على المؤسسة والاساءة اليها اما عن جهل او عن قصد، اضافة الى بروز ظاهرة الاستقطاب السلبي الذي يعيق العمل ويبعثر الجهود وتنحرف به البوصلة عن واجبه فيلجا الى وضع العصي في دولاب العمل ويستقوي على المؤسسة دون وجه حق احيانا والحرن الاداري او النشاز الاداري احيانا اخرى وخصوصا في حال غياب المساءلة وعدم مواجهة المشكلة والتغاضي عنها.
وهنا فان تطبيق التعليمات بعدالة وجرأة ودون استرضاء لاحد على حساب المؤسسة ونهضتها يعد امرا اساسيا من
ابجديات العمل الاداري لتستمر منظومة العمل المؤسسي تنفذ برنامجها دون اية معيقات يرافق ذلك الجهود المخلصة التي تعمل بصدق وضمير وتتقي الله في مستقبل أبنائنا الذين هم بحق مستقبل الوطن ليكون واعداً ومشرقاً وقادراً على مواجهة التحديات والصعاب أنّى وجدت.
فهل نبدأ نحن العاملين في الجامعات إدارات وأساتذة وعاملين وطلبة بجهد مخلص وعقل منفتح وضمير حي للتخلص من هذه السلبيات لأن نقد الذات (وليس جلد الذات) الذي يترجم إلى معالجة الخلل هو بداية الطريق الصحيح بعيداً عن التنظير أو تبرير الأخطاء وإلقاء أسبابها على الآخر أو تزيينها بمكياج زائف أو الهروب من مواجهة الواقع؟ وحمى الله الأردن ومؤسساته وأقول دائما: كلنا للأردن فداء وعلى درب أبي الحسين معلمنا وقائدنا نسير بعزيمة ومضاء.