«سمع بلا حدود» مسيرة عطاء ملكي متواصل
د.هشام المكانين العجارمة
29-07-2018 12:29 AM
بعد أربع سنوات ولايزال العطاء مستمر
لقد كان للعهد الذي أعلنه صاحب السمو الملكي الامير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد- قبل ما يُقارب الأربع سنوات - في ختام كلمة استهل سموه فيها حفل إطلاق مبادرة «سمع بلا حدود» عندما قال: «اليوم سأكون صوتا لهؤلاء الأطفال» الأثر الكبير في نفوس الاطفال المصابين بالصمم وذويهم، هذه المبادرة الانسانية التي غيّرت حياة من بدأت بهم، وستغير باستمرارها حياة الالاف من الأطفال الاخرين وأسرهم، وتنقلهم من ضيق المعاناة مع الاعاقة وما تفرضه من وحدة وعزلة إلى أمل الفرح والراحة والانطلاق والتواصل مع أقرانهم والاخرين بسعادة.
إن اهتمام سموه اليوم بإيجاد حلول مستدامة تستهدف الأطفال المصابين بالصمم علاجاً وتأهيلاً يعكس مدى الحس الانساني لولي العهد تجاه أبناء الأردن، حيث بدد اهتمام سمو ولي العهد بهذه الفئة من الاطفال جميع التحديات والعوائق التي تقف حائلاً أمام إمكانية العلاج سواء من حيث كلفته المرتفعة، إلى جانب إيجاد المراكز المتخصصة للعلاج والتأهيل والرعاية.
" سمع بلا حدود " مبادرة تحمل رسالة مفادها الحرص على تقديم كل الدعم والمساعدة لتأهيل الأطفال الصم من خلال زراعة القواقع لهم، وتدريبهم على النطق، وإنشاء المراكز التأهيلية للأفراد الصم، وتدريب المختصين بتأهيل نطق الأطفال وتدريب الأسر على مساعدة ابنائهم على تعلم النطق، إلى جانب التوعية بأبرز الأسباب التي تؤدي إلى الصمم وطرائق معالجتها، والاعداد التي يمكنها الاستفادة من المبادرة، وبناء قاعدة بيانات لحفظ فحوصات السمع للاطفال حديثي الولادة. فبحسب إحصاءات المتعلقة بالاعاقات السمعية فإن ٢،٥ لكل ألف مولود في المملكة مصابون بالصمم في حين تقدر منظمة الصحة العالمية النسبة من ٣-٤ لكل ألف، كما أن نسبة حالات ضعف السمع بدرجاته المختلفة تصل خمسة الاف حالة سنويا.
وبالنظر إلى أهمية المبادرة يجد المتابع بأنها خففت عن ذوي الإعاقة وأسرهم إضافة للأعباء النفسية أعباءً مادية كبيرة، حيث تنبغي الإشارة إلى أن كلفة رزاعة القوقعة والتأهيل اللاحق لها يصل نحو (١٥) ألف دينار، بالمقابل تبلغ كلفة التعليم الخاص للشخص الاصم (٦) الاف دينار سنوياً، وتساهم مبادرة سموه في علاج وتأهيل ما يزيد عن ٢٣٠ طفل سنويا بعدما بدأت بمئة وثلاثين طفل.
" سمع بلا حدود " ومبادرات أخرى عديدة أطلقها سمو ولي العهد ما هي إلا تأكيد لنهج هاشمي في البذل والعطاء بدأه جلالة الملك عبدالله الأول وكرسه من بعده الملك طلال وجلالة الملك الباني المغفور له الحسين بن طلال وعززه جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين -حفظه الله ورعاه- ، حيث تعددت مكارمه السامية وتنوعت لتشمل جميع أطياف المجتمع بما فيهم الأفراد من ذوي الإعاقة.
وفي هذا الصدد تنبغي الإشارة كذلك إلى أن الأردن - بفعل التوجيهات الملكية - يعد من الدول التي أخذت على عاتقها تحفيز العمل مع فئات الأفراد ذوي الإعاقة عموماً وخاصة فئة الأفراد الصم وتقديم جلّ العناية والرعاية والاهتمام ضمن ما يتوافر من إمكانات لتعويض بعضاً مما فقده أولئك الأفراد في الحياة، إضافة لإعطائهم وأسرهم فرصة المشاركة الاجتماعية وتوفير الوسائل المختلفة لدعمهم ومساعدتهم في التخلص من الآثار التي لحقت بهم جراء إعاقتهم أو تجاوز هذه الآثار أو الحد منها وتهيئة الظروف المعيشية الكريمة وفق قدراتهم وإمكاناتهم.
ورغم تعدد الجهات الرسمية وغير الرسمية العاملة في مجال الإعاقة، إلا أن هناك نوعاً من التوافق في آليات العمل، حيث تعمل جميع الجهات من أجل مصلحة وطنية تخص تلك الفئات، وقد منحت الدولة الأردنية الفرصة للقطاعات الدولية والمحلية من أجل الانخراط في العمل الاجتماعي مع كافة فئات ذوي الإعاقة، وتقديم جميع أشكال الدعم لهذه القطاعات وبرامجها وخدماتها دون استثناء وفي جميع أنحاء المملكة، ويُعد المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص المعوقين الجهة الرسمية التي تشرف على توجيه سياسات ذوي الإعاقة بالتعاون والتنسيق مع الجهات الأخرى كوزارة التنمية الاجتماعية ووزارة التربية والتعليم وصندوق الملكة علياء للعمل الاجتماعي والتطوعي، بالإضافة إلى الهيئات والمنظمات الدولية، والجمعيات الخيرية والقطاعات الأهلية والخاصة منطلقين من مبادىء راسخة أول أركانها الإيمان بأن أولئك الأفراد ليسوا مخيرين في حدوث إعاقاتهم، وأن وراء كل طفل ذو حاجات خاصة أسرة لديها حاجات خاصة أيضاً، كما أنه لا يوجد فرد معاق وإنما يوجد مجتمع معيق، وآخر تلك الأركان أن تطور أي مجتمع يُقاس بحجم ما يقدمه لأفراده من ذوي الإعاقة.