"مجهول رقم 1" .. رحلة علاج مؤلمة نهايتها الشهادة
27-07-2018 09:42 AM
عمون - "بدي أطلع من هان".. تمتمات كانت ترافق الطبيب داهود الشوبكي وتزرع الأمل فيه وأهله، بأن ابنه "ساري" سيعود إلى بيته ماشياً على قدميه بعد أن أصيب برصاصة قناص إسرائيلي في رقبته بمسيرة العودة الكبرى شرقي مدينة غزة.
"ساري" ابن الـ 22 ربيعًا، رافقه والده الطبيب في رحلة علاجه منذ إصابته في الـ 14 مايو الماضي، حيث وجده ممددًا بين زوايا مستشفى الشفاء مكتوبًا على سريره "مجهول رقم 1".
الرصاصة التي أصيب بها الشاب، أقعدته طريح الفراش حيث عانى قبل استشهاده من شلل رباعي وشلل في التنفس والجهاز الهضمي، حيث تنقل للعلاج بين مستشفيات غزة والقدس المحتلة.
وتداول صحفيون ونشطاء، مقاطع فيديو للشهيد وهو يتلو القرآن الكريم بصعوبة مع والده الطبيب، أثناء علاجه في "ماريوسف".
تفاصيل "الأمل"!
والد الشهيد الطبيب داهود الشوبكي روى تفاصيل رحلة العلاج التي بدأت من سريرٍ في مستشفى الشفاء إلى سرير الشهادة في مشفى ماريوسف في القدس المحتلة.
تلك الرحلة رافقها الأمل في كل مراحلها، والخوف من الرحيل بين مرحلة وأخرى، حيث يقول الطبيب الشوبكي: "لم نجد علاجاً لابني في مستشفى الشفاء، ومكثنا فيه 10 أيام، ثم انتقلنا لمستشفى ماريوسف".
ووفق التقارير الطبية، فإن الشاب عانى من شلل رباعي وصعوبة كبيرة في التنفس، وتعسر في الجهاز الهضمي، وتأثّر كبير في النخاع الشوكي.
وبعد 10 أيام من رحلة العلاج في مستشفى ماريوسف، أصدر الكادر الطبي قرارًا بمغادرة الشوبكي المستشفى، لاستحالة علاجه؛ "أبلغوني أنه لا يوجد علاج لساري، إلا أني أصررت على بقائه وأتابع علاجه بنفسي رغم إحضار سيارة إسعاف لعودته لغزة". يقول الطبيب الشوبكي.
ورفض الوالد بشدة ما أقره الأطباء، مشيراً إلى وجود تحسن بطيء على صحته إذ أشرف عليه بنفسه، "قدرة ربنا أكيد أكبر مني ومنهم وكل إنسان خلقه الله، اللي وضع فيه الشم وخلى مشكلة الشم تنتهي رغم شلله، قادر أن يجعله يمشي".
وأضاف والدموع ترافق حديثه: "من جعله أن يتكلم رغم استحالة خروج الصوت من الأحبال الصوتية قادر على علاجه".
وزاد إصرار الوالد الطبيب، على متابعة علاج ابنه بنفسه، بعد أن شاهد "عدة كرامات" وانتعاش جسده بـ"العلاج الطبيعي"، قائلاً: "أثناء علاجي لساري شاهدت عدة كرامات زادتني إصراراً على أن العلاج سيتحقق ولم أفقد الأمل".
فرحة قبل الرحيل
وعمّت الفرحة قلب الوالد بعد أن تمكن الابن من الحديث معه بشفتيه ورموش عينيه، إلا أن تلك الفرحة دفنت مع استشهاد ابنه لاحقاً.
وبألم كبير، اتهم الطبيب إدارة مستشفى ماريوسف بالتقصير في علاج ابنه.
وقال: "لقنت ساري الشهادة حتى آخر أنفاسه"، داعياً إلى توفير العلاج لكل الجرحى والمرضى في قطاع غزة.
وأضاف وهو يبكي: "لا أبكي على ابني وهو عريس وشهيد، وتمنيت تحقيق حلم أهلي في زواجه، بل أنا متضايق من موته بغدرهم"، مؤكداً أن يوم رحيله هو إشهار عرس ابنه إلى الحور العين.
وانطلقت "مسيرة العودة الكبرى" في غزة يوم 30 آذار/ مارس الماضي، بمشاركة شعبية حاشدة عبر التظاهر السلمي في 5 مخيمات شرق محافظات القطاع الخمس؛ وهي مستمرة بشكل يومي، مع زخم أكبر أيام الجمعة، فيما شهد يوما 14و15 مايو ذروة المسيرة بمليونية كبرى واجهتها قوات الاحتلال بمجزرة دامية.
وتنادي المسيرة بتنفيذ وتطبيق حق العودة للشعب الفلسطيني إلى أرضه التي طرد منها، وذلك تماشيا مع وتطبيقا للقرارات الدولية وقرارات الأمم المتحدة الخاصة بعودة اللاجئين الفلسطينيين، ومنها القرار 194 الذي نصّ على العودة والتعويض، إلى جانب رفع الحصار عن غزة.