نقرأ في الاعلام ان هناك شحنة قمح فاسدة تم ضبطها، وأنها قيد الفحص للتأكد من سلامتها للأكل، وبعد أخذ وردّ، تظهر النتيجة، وبغض النظرعنها، فالعبارة من حيث الأصل ليست صحيحة، القمح ليس فاسدا، نحن الذين لوثناه، إما بسوء التخزين أو بإضافة مواد حافظة او غيرها.
الجميد ليس فاسدا نحن أفسدناه بما أضفنا اليه، والخبز كذلك، والخضروات التى تنبت على اصولها، نحن الذين زدنا نسبة
المبيدات لتصبح غير صالحة.
ما هو موجود في الطبيعة من ماء أو كلأ، أو محاصيل هي في الأصل غير فاسدة، وحده الذى يحول الأشياء الى فاسدة لسبب أو لآخر إنه الانسان.
والنَّاس في الفساد صنفان، إما فاسد، أو مفسد فالفاسد هو الذي يقتصر فساده على نفسه فقط، ويقابلها الانسان الصالح، الذى يكون صلاحه لنفسه فقط اما المصلح وهو عكس المفسد، فهو الذي يصلح ما افسده المفسد، الذي تعدى فساده عن نفسه الى الأخرين، وما دام سلك طريق الفساد فلا يهمه أثر الفساد على المجتمع لأن نفسه أهم من النفوس واهم من المجتمع، في التاريخ يسجل الفساد في بيوتات تسمى راقية، فنسوة العزيز، كان الفساد في بيتهن عندما تم التآمر على يوسف، والمفسدون لايطيقون أن يروا مصلحين او حتى صالحين، ألم نقرأ قول قوم لوط (اخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون) مشكلتهم أنهم أناس متطهرون إذا إلى مكان لهم في المجتمع حتى يخلوا المجتمع من عناصر الإصلاح ويستتب الفساد.
الفساد له أركان و مقومات وبيئة حاضنة، الغني والفقير بصفة عامة أيهما اكثر فسادا إلا من رحم ربك الغني في الغالب، الذي يريد أن يزيد ملايينه هو ملايين الفساد يحمى من الطبقة السياسية وكثيرا ما تتقاتل الناس للحصول على المركز السياسي لانه مقدمة الحصول على الثراء الأقتصادي ولذلك كان عرفا أنه لاتجتمع الإمارة مع التجارة.
الفساد ليس شيئا طارئا في المجتمعات، ولكن في الغرب له قصص أخرى، سطوة القانون اكبر، والاعلام أقوى والنَّاس لا تخلد في مواقعها، فسرعان ما يكتشف الفساد ويحاسب الفاسدون، فكم من رئيس أو رئيسة دولة تم ايقافهم أمثلة كوريا، وماليزيا، وفرنسا وإيطاليا والكيان الصهيوني وغيرهم، بسطوة القانون يقف الفساد ولا يستشري نحن لدينا مشكلة، القانون، سيف على الضعيف، وهو بيد القوى، والوازع الاخلاقي والدين الذى يحمى الضمير ويربي مراقبة الذات أبعدنا من ينادي به عن مركز القرار فلا القانون يحكمنا، ولا الوازع الديني والأخلاقي يرد عنا الفساد السياسي، الفساد الاداري، كلها تحمي الفساد الاقتصادي ولا قضاء على الفساد الا ضمن منظومة إصلاح متكاملة سياسية وإدارية وتربوية وتعليمية.
أقول للمنادين بالعلمانية في بلادنا، العلمانية، وهي الدنيوية وإبعاد الدين عن الممارسة الحياتية وراءكم، لن تفلحوا بهذه البلاد، أنتم كمن قلد الحمامة في مشيتها، فخسر مشيته الأصلية الدولة المدنية بالمرجعية الاخلاقية الاسلامية شيء، والعلمانية المحضة، كما يريدها ادعياؤها، والدولة المدنية الخاوية شيء آخر، نحن مع الدولة المدنية بمرجعيتها القيمية وبالقانون على الجميع، نحن مع دعوات الاصلاح النابعة من صميم المجتمع العارفة بتحدياته، لا ننسي اننا أمام اطماع صهيونية كاسحة وتآمر غربي صارخ ننفذه بأيدينا، نحن امام تخطيط ذكي وتنفيذ غبي، نحن سمنّا الفساد والمفسدين حتى خلناهم قدرا لا يمكن مقاومته، ولكننا قادرون.
drfaiez@hotmail.com
الرأي