يهودية إسرائيل تعيد رسم حدود الدم
رومان حداد
26-07-2018 12:17 AM
تم إقرار قانون يهودية الدولة الإسرائيلية، وهو ما أسال الكثير من الحبر لقراءة أثرها على الفلسطينيين الموجودين
داخل الأراضي المحتلة عام 1948 وما ينتظرهم من مستقبل في ظل نظام فصل عنصري، كما أشار كثيرون.
ورغم كل ما قيل عن الموضوع إلا أن هناك مساحات أخرى لم يتم إضاءتها وأرى أنه من المهم قراءتها لأنها ترسم مستقبل المنطقة.
فإقرار يهودية الدولة الإسرائيلية يعني أن الدولة الإسرائيلية قد تنازلت عما يُسمى بدولة إسرائيل الكبرى، من النيل إلى الفرات، حيث لا يُعقل أن يتكلم الإسرائيليون عن يهودية دولة تضم أكثر من مئة وخمسين مليون مواطن عربي.
ولكنها من جانب آخر تفتح باب جهنم التقسيم على المنطقة العربية، فيهودية الدولة محاولة جديدة لترسيم حدود المنطقة (بالدم)، خصوصاً أن الإدارة الأميركية تتلمس رغبة بعض المذاهب والاثنيات بتشكيل كيانات يعترف بها كدول، وليصير سؤال لماذا لا يعترف بدولة مذهبية أو عرقية في المنطقة بعد الاعتراف بيهودية إسرائيل مشروعاً، وتتحول يهودية إسرائيل من نتيجة طبيعية إلى محفز لتفجير حدود المنطقة على أسس مذهبية واثنية، وقنبلة موقوتة لا نملك إيقافها ولا نعرف موعد انفجارها.
ولنتذكر أن مجلة «القوات المسلحة»الأميركية المتخصصة نشرت في عدد تموز 2006 خريطة للشرق الأوسط وضعها الجنرال المتقاعد «رالف بيترز»، الذي شغل منصب نائب رئيس هيئة الأركان للاستخبارات العسكرية الأميركية في وزارة
الدفاع، أعاد فيها ترسيم حدود دول منطقة الشرق الأوسط وتركيا وإيران وأفغانستان، معتبراً أن سبب العنف في المنطقة هو الخلافات المذهبية والعرقية، وأن حل النزاعات يكون بهذه التقسيمات التي تراعي الأبعاد المذهبية والعرقية. مع العلم أن المخططات الأميركية لإعادة تقسيم المنطقة حديث قديم، فقد تطرق إليه تقرير لمجلس الأمن القومي الأميركي عام 1992.
ويدّعي «بيترز» أن الحدود التي شكلها الأوروبيون في أوائل القرن العشرين، باتفاقية سايكس-بيكو تسبب خللا وظيفيا داخل الدولة نفسها وبين الدول من خلال أعمال لا أخلاقية تمارس ضد الأقليات القومية والدينية والأثنية، أو بسبب التطرف الديني أو القومي والمذهبي، وأن الحل يكمن في إيجاد دول تقوم على أساس الدين أو القومية.
ورغم أن هذه الدراسة لم توضع موضع التطبيق الفوري إلا أن ذلك لا يمنع من أن الرؤية الاستراتيجية الأميركية مازالت تعتبرها إحدى السيناريوهات الممكنة التطبيق في المنطقة.
عدم نجاح (الحلم الأميركي) في تقسيم المنطقة لم يمنع قادة إسرائيل من السير قدماً بحلمهم بيهودية الدولة، وعلينا الإدراك أن الاعتراف بيهودية الدولة الإسرائيلية ليس علامة مسجلة باسم نتانياهو بل هي مبدأ سياسي لدى قادة إسرائيل منذ ما يزيد عن العقد من الزمان، فشارون طرح أفكارا لإسكان أهالي الضفة الغربية وقطاع غزة في العراق وتجنيسهم بالجنسية العراقية، وأكد مرارا أن إسرائيل دولة يهودية نقية وهي لليهود في إسرائيل وكل العالم، وإيمانه بمشروع الترانسفير الذي نعرفه في الأردن جيداً.
roumanhaddad@gmail.com
الرأي