ظهور لا يعني شيئا * ماهر ابو طير
ماهر ابو طير
18-05-2009 06:53 AM
انشغلت المواقع الالكترونية والصحف ، خلال اليومين الفائتين ، بظهور الدكتور باسم عوض الله ، رئيس الديوان الملكي الهاشمي السابق ، في دافوس البحر الميت ، والرجل كان يمشي في اروقة المؤتمر ، دون هرولته المعتادة ، تلك الهرولة اللافتة للانتباه ، والتي عهدناها به ، وكانت الانظار تراقبه وتترقبه ، وتقرأ تفاصيل الوجه ولغة الجسد.
باسم عوض الله ، شخصية مثيرة للنقاش ، في كل المواقع التي تولتها ، وتؤدي الى اصطفافات فورية ، من معه ومن ضده ، وكان يثير دوما ردود الفعل ، كان يحلق وحيدا ، ويريد من الاخرين ان يتبعوه ، خصومه يقرون له بأنه عقلية فذة وطاقة هائلة ، لكنهم يختلفون معه لاعتبارات تتعلق بقدرته وطريقته في "الاتصال الكيميائي" مع الاخرين ، والاثار التي يتركها على من حوله ، وفوقها الاختلاف الحاد مع برنامجه السياسي ، والطريقة التي يفكر بها ، والتي يراها كثيرون غير مناسبة ، وتميل الى التغيير عبر القفزات المتسارعة ، بالاضافة الى وجود من يقاومه لدوافع الغيرة ، او الاختلاف الحقيقي مع النهج والمنهج.
ظهور عوض الله ، أمر عادي ، فكثيرون يحللون اليوم ، دوافع الظهور ، وتوقيته ، والارجح ، ان وجوده في المنتدى الاقتصادي العالمي ، امر طبيعي ، فقد اشرف على نشاطات كثيرة تخص المنتدى خلال السنوات السابقة ، من الجانب الاردني ، وهو مهتم اساسا به ، ويشارك فيه بصفته اقتصادي وتحت ظلال اخرى ، ليس من بينها اي صفة رسمية ، وعلى هذا لا يجوز تحميل مشاركته ، اكثر مما تحتمل ، فهو من بين مئات المشاركين والضيوف والمهتمين ، بهكذا نشاطات تجري دوليا واقليميا ومحليا ، وقد ظهر في نشاط سابق قبل شهور ، في دبي وعبر قناة العربية ، ولا يجوز ان نتعامل مع ظهوره بأعتباره حدثا سياسيا ، او لكونه "السياسي" الذي يستعد للعودة.
فترة وجود اي شخصية خارج الموقع ، فرصة مناسبة جدا لمراجعة النفس وكل الحسابات ، والعلاقات ، واسس ادارة الوجود في بلد يحفل بالمتحركين والمتغيرات ، وبتداخل الكيمياء الشخصية مع العلاقات مع البرامج وخطط العمل وتعميد الشخوص والمراحل ، وبغير هذه الفرصة ، لا يستفيد اي انسان من الفروقات من بين مرحلتين ، او ظرفين ، وحتى لو قدر للانسان ان يعود ، فسيواجه ذات القصص ، لان فترة الراحة ، لم تستثمر لاعادة انتاج وجود الشخص ، هذا اذا كان قادرا على التغيير من جهة ، واذا حاز فرصة اخرى في الدولة بطبيعة الحال ، واذا كان عوض الله ، اثار كل هذا الانتباه لمجرد مشيه في اروقة المؤتمر ، وسط ملاحظات المراقبين ، بكونه يمشي الهوينى ، ولا يحمل اوراقا ، ويبتعد عن الاضواء ، فهذا يؤشر على ان اي ظهور حقيقي ، لن يكون سهلا ، وسيحظى باهتمام ايجابي وسلبي ، على حد سواء ، مما يعني ان الرجل لم يكن غائبا عن ذهن المراقبين ، فهناك من يتتبع اخباره ، اولا بأول ، تحسبا لعودة قريبة ، وعليه ان يعترف اليوم ، ان التأثيرات السلبية على فرصه السابقة ، لم تكن وليدة ايدي الخصوم ، وحسب ، بل ان جانبا كبيرا ، منها كانت بدفع شخصي وذاتي جراء المبالغة بالاعتداد بالنفس ، وعدم الاهتمام بتفاصيل ، كان يجب الاهتمام بها.
من الطبيعي ان يأمل الدكتور باسم عوض الله بالعودة الى مواقع القرار ، لكنه ليس مرشحا لرئاسة الوزراء في الاردن ، على الاقل في الاعوام القليلة المقبلة.
m.tair@addustour.com.jo