تتصرف الحكومة الأردنية من مركز قوة مالية ، وكأنها تملك فوائض كبيرة تستطيع أن تسحب عليها لتدعم هذه الجهة أو تلك ، أو لتعفي هذا القطاع أو ذاك من الضرائب ، مع أنها مدينة لغاية 5ر8 مليار دينار ، تعادل موازنة سنتين.
بهذا المفهوم تقدم الحكومة مشروعاً لقانون الضريبة الموحد ، يعفي المكلفين الأفراد من ألفي دينار شهرياً في بلد يقل فيه الدخل الشهري للفرد عن 200 دينار. وتخفض الضريبة على أرباح البنوك والشركات المالية إلى 25% ، وعلى أرباح الشركات الأخرى إلى 12% ، الأمر الذي يخفض حصيلة الدخل إذا استبعدنا المتغيرات الأخرى كالنمو الاقتصادي والدفع المسبق وافتراض زيادة كفاءة التحصيل.
إذا لم يكن هذا كافياً فإن الحكومة تخطط لإلغاء الرسوم الجمركية على المستوردات باستثناء السيارات والمشروبات الكحولية والدخان.
وبعد كل ذلك يتحدث بعض المسؤولين عن (تحفيز) الاقتصاد ، الذي يعني في التطبيق زيادة الإنفاق العام ، وضخ السيولة في شرايين الاقتصاد الوطني ، في الوقت الذي تجد الحكومة نفسها مضطرة لامتصاص مليار دينار من السيولة المصرفية المتوفرة لتمويل العجز المتفاقم في موازنتها.
ربما كانت الحكومة الأردنية ترغب في اقتفاء أثر حكومات البلدان المتقدمة ، مثل أميركا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا واليابان ، التي تتطوع حكوماتها بإنقاذ الشركات المتعثرة عن طريق حقنها بمليارات الدولارات والجنيهات واليورو والين.
الفرق الذي يجب أن نعرفه أن عملات تلك البلدان عملات دولية ، تتسابق دول العالم على قبولها وادخارها كجزء من احتياطاتها ، في حين أن الدينار الأردني عملة محلية مقبولة في الأردن فقط (وإلى حد ما في الضفة الغربية) ، وبالتالي فإن الحكومة لا تستطيع إصدار كميات هائلة من الدنانير ، بل أن القانون لا يسمح للبنك المركزي بالتوسع في تلبية طلب الحكومة على الدنانير فوق مستوى معين يرجح أنه مستغل بالكامل.
جاء الوقت لكي تعترف الحكومة بأنها المدين الأكبر في البلد ، وأن القطاع الخاص أغنى منها أو أقل فقراً ، وإن عليها أن تتصرف على ضوء هذه الحقائق ، فلا تمد أقدامها لأبعد مما يسمح به غطاؤها.
الراي