"الفساد" يحتاج الى بيئة تشريعية قوية لمكافحته
د. محمد كامل القرعان
25-07-2018 01:08 PM
منذ أمد وانا اتلقى الصدمة تلو الاخرى ، حول تورط شخصيات وسياسين واقتصاديين ومسؤولين ورجال اعمال بقضايا فساد ومحسوبية ورشوة، خيبة أمل اطاحت بآمال الاردنيين على خلفية انتشار ظاهر الفساد وهي الاخطر فتكا بمقدرات البلد وامكانياته وثرواته، فالفساد بضرب بعمق في مفاصل حياتنا ومستقبل اجيالنا ، فالمال والمحسوبية والواسطة والرشوة عناوين كبيرة تتصدر مشاهدنا، والاخطر ممارسة هذه الاشكال من الفساد من قبل شخصيات واسماء لها وزنها الرسمي وثقلها الاجتماعي ولا تنظر في ملفاتهم فهم خارج دائرة المحاسبة.
معادلة مزعجة لها تبعات اقتصادية خطيرة ولها ردود افعال عكسية على السلم الاجتماعي والامني بشكل عام.
من يتصدى للفساد يجب ان يمتلك اولا الشجاعة وثانيا الارادة وثالثا الصلاحيات الكاملة لمحاسبة المفسدين وملاحقتهم قانونيا وسياسيا واجتماعيا ويتوج ذلك كله روح الانتماء الحقيقي للبلد.
واعني هنا بالاسماء التي تتمع غالبيتها بحصانات عشائرية واخرى رسمية متنوعة واخرى سياسية .صدمات تلو الاخرى يتلقاها المواطنون على خلفية هروب بعض الاسماء الى ما وراء الشمس ولا يمكن الوصول اليها ، إلا أن آمال الحد منه ما زالت بعيدة المنال في الوقت الحالي ، بسبب التراخي في تطبيق سيادة القانون ورخوة البيئة التشريعية الخاصة بالوزراء والنواب والاعيان وكبارهم وكبار المسؤولين مدنيين وعسكرين، وسياسة محاباة بعض المتنفذين واصحاب المصالح ورأس المال ، وعلى الرغم من الجهود المبذولة لمكافحة الفساد الا انها ما زالت ضعيفة ودون المتوقع، والفساد ظاهرة عالمية منتشرة في الدول المتقدمة والنامية لكن تختلف في ادوات مكافحتها وتطبيق القانون، لا بد من وجود حلول جذرية ناجعة ضد هذه الافة ، ولعل اليوم في حاضرنا باتت صور و اشكال الفساد اكثر وضوحا بل اصبحت ظاهرة كما اثبتت الوقائع. اذا كانت هناك جدية حقيقية لمكافحة الفساد فالاجدر استرجاع جميع الاموال المنهوبة والمودعة وكيف لاندونيسيا المسلمة ان استعادت حوالي (40) مليار دولار سوهارتو ؟
وكيف استرجعت الفلبين اموالها من رئيسها الفاسد فريناند ماركوس ؟ وكيف استرجع مهاتير محمد 50 مليار دولار من الفاسدين بعد خمسة ايام من إعادة انتخابه والقبض على الرئيس السابق نجيب ابراهيم ورجال اعمال وقضاة وشرطة وبالتالي تخفيض الضرائب. لن اكون متشائم بل متفائل بهذه الحكومة برئاسة د. الرزاز . وختاما اذا اردنا تنمية يجب مكافحة تفشي ظاهرة الفساد واشكاله الكبيرة والصغيرة .
ان النجاح في التحكم في مصادر الفساد من شأنه أن يحسن نظرة المجتمع الدولي والمجتمع الاستثماري لمناخ الاستثمار والاعمال في البلد.ويسمح باستثمارات منتجة وهو المطلوب لتحقق تنمية حقيقية مستدامة. ويذكر ان الفساد كلف الاردن ما يزيد عن 10 مليارات اي ما يساوي 37 بالمئة من المديونية واصبحت تشكل 95 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي.