حتى لا يطير الوطن مع الدخان .. !!
صالح الراشد
25-07-2018 01:24 AM
أعادتنا قضية الدخان الى الفيلم المصري "حتى لا يطير الدخان" الذي تحدث عن الفساد في مرحلة تاريخية, وللأسف يبدو ان هذه المرحلة أخذت صبغة جديدة في قضة تحمل نفس الإسم في هذه الايام, فما هي قصة الدخان التي يبدو أن أحد لا يعرف أسبارها وأغوارها في ظل تضارب المعلومات وتعدد مصادرها , لدرجة ان المواطن أصبح يردد أغنية هاني شاكر " أكذب مين وأصدق مين" , فهل نصدق الحكومة أو مجلس النواب أو مدير الجمارك أو المتهم الرئيسي في هذه القضية التي تحولت من قضية جمركية الى قضية رأي عام ثم الى أمن الدولة بقرار من رئيس الوزراء.
تضارب الآراء من المصادر السابقة جعلت المواطن ينقل الأخبار حسب توجهاته الفكرية وقناعاته الشخصية, لنجد ان الضياع عم الشارع والضبابية أصبحت سيدة الموقف, ولن ينجلي هذا الضباب الا بعد أن يصدر الحكم النهائي في هذه القضية, فالحكومة خرجت علينا بتصريح أولى ان هناك تهريب لمصنع بكاملة كون خطوط الانتاج لا يتم تصنيعها في الاردن ومنع الكثيرين من السفر, فيما النواب سردوا بطولاتهم " كالعادة" بأنهم اكتشفو القضية وذهب البعض الى نشر اوراق بأن هناك مطالبة بقيمة "155" مليون دينار من الشركة ثم أنخفضت بقرار من رئيس الحكومة الاسبق لتصبح "5" مليون, فيما الجمارك أعلنت في كتاب رسمي بانه لا يوجد اي مطالبات جمركية باسم المتهم الرئيسي الذي بدوره نفى اي دور له في كل ما يجري وهدد بمقاضاة كل من يسيء له بنشر أي إساءه تمسه مت قريب او بعيد كون الشركة ليست باسمه.
القضية ليست مجرد تهرب ضريبي أو انشاء مصنع بدون ترخيص, بل وصلت لمرحلة قضية وطن, فالوطن ليس جدران وأرض بل شعب يقطن فيه ضمن منظومة اجتماعية أخلاقية سليمة, لكن ما يحصل يشير الى أن هذه المنظومة قد تم ضربها في العمق كون إغتيال الشخصيات اصبح أمرا سهلا وهينا عند الكثيرين من فرسان وسائل التواصل الاجتماعي, فاصبح التقاط صورة مع اي متهم جريمة وتوجب العقاب بل يتحول بفضل وسائل التواصل الاجتماعي الى شريك في الجريمة غير المثبتة قانونيا, مع العلم اننا في الاردن نظل نردد المتهم بريء حتى تثبت إدانته, فكيف يقوم البعض بإصدار أحكامهم المسبقة قبل المحكمة؟.
وحتى لا يطير الوطن مع الدخان ونصبح نتألم على ضياعة بسبب كثرة الاتهامات التي بدورها تتسبب في تراجع الاستثمار, لذا علينا توخي الحيطة والحذر قبل الخوض في هذه قضايا وقبل إصدار الاحكام , وبالتالي علينا انتظار القرار النهائي, كون جميع ما صدر ولغاية الآن عن الجهات الرسمية غير واضح, بل يزيد الأمر غموضا في وقت احوج ما نكون فيه الى الشفافية الصادقة التي لا تتعارض مع سير القضايا في المحاكم, والتي تحفظ هيبة وكرامة الآبرياء من المواطنين, وعندها ينال كل إنسان حقه فيتم النشر عن المخطيئن ونبتعد عن الاساءة للابرياء, وبالتالي نحفظ هيبة الوطن ونعطي إشارة الى العالم بأننا لا نبحث " عن جنازة نشبع فيها لطم" بل نبحث عن حقائق تساهم في المحافظة على الآمان الاقتصادي للوطن من عبث العابثين أيا كانوا وفي اي منصب تواجدوا.