لا نذكر سنة مرّت ، منذ دخلنا المهنة قبل نحو ثلاثين سنة ، إلاّ وكان الإعلام الأردني على مائدة البحث ، ولا نذكر حكومة واحدة لم تبدأ أعمالها بتغييرات في الجهاز الإعلامي ، باعتبار أنّ هذه التغييرات هي التي ستوصلنا الى إعلام عصري ومهني.وعلى هذا الأساس ، فقد مرّ علينا على الأقل مئة شخص جلسوا على كراسي إدارة تلك المؤسسات ، وكلّهم زملاء لنا ، وكلّهم أحباء ، وبالضرورة فكلّهم امتلكوا تجارب تؤهلهم للقيادة ، ولكنّ المأساة أنّ قليلين فقط هم الذين حصلوا على فُرصة تنفيذ الرؤية التي وصلوا على أساسها إلى هذا الموقع أو ذاك: فما أن تأتي الحكومة التالية ، وهي كما نعرف تأتي بسرعة ، إلاّ ونكون أمام تغييرات جديدة ، وعلى المدراء الذين لم تسخن مقاعدهم بعد ، أن يتركوا المجال لغيرهم ، في سلسلة تغييرات مفتوحة على الكلام والإنشاء ، والوعود الفارغة ، والأمنيات غير المستندة إلى أساس متين من الواقع.
حكومتنا الحالية تتجاوز الحكومات السابقة ، وقد فتحت الملف الإعلامي غير مرّة ، وغيّرت في الموقع الواحد غير مرّة ، وذلك ما يزيد الطين بلة ، ولا يوصل إلى حالة التغيير المطلوب في حال من الأحوال ، ويبدو أنّ السياسة العامة إرضاء أكبر عدد من الدائرة الإعلامية الضيقة ، لا إرضاء الجمهور الأردني الذي يريد إعلاماً مهنياً عصرياً ومهنياً حقيقياً يتابعه ويثق به.
وبدأت الحكومة كما قالت بسياسة التنافس الحرّ لاختيار قيادات العمل العام ، وطُبّق ذلك في موقعين اثنين لا ثالث لهما ، أمّا في الباقي فما زالت سياسات الإرضاء والواسطة والمحسوبية هي المسيطرة ، ونعود فنقول كلّ الزملاء أصدقاء وزملاء ولكنّ الطبخة لم تعد أكثر من حجارة مسلوقة بعد أن تعدّد فوقها الطبّاخون.