منتدى البحر الميت .. فقاعة إعلامية
فهد الخيطان
17-05-2009 04:25 AM
*** اصحاب الرأي الثالث غابوا وظل الثرثار شواب سيد المنصة
لا شيء في »دافوس البحر الميت« يختلف عن طبعاته السبعة السابقة سوى المبارزة في أعداد المشاركين ومكانة النجوم من اقتصاديين وسياسيين, ففي كل دورة نسمع ذات العبارة عن الرقم القياسي لاعداد المشاركين.
المنصة ذاتها يجلس عليها ابرز الحضور يداخلون ويساجلون بعبارات منمقة تتسابق وسائل الاعلام على تسجيلها ونشرها ثم يذهب الجميع في حال سبيلهم.
يُعد منتدى دافوس في كل دوراته ملتقى لاغنياء العالم يتطفل الفقراء احيانا على حضوره عسى ان يكون لهم صوت وسط ضجيج اصحاب المليارات.
المعادلة لم تتغير انما الظروف هي التي تغيرت بعد الازمة الاقتصادية العالمية, ومن يلقي نظرة على قوائم المشاركين في »البحر الميت« سيجد انهم إما ضالعون في السياسة الاقتصادية التي اوصلت الاقتصاد العالمي الى حافة الانهيار او ضحايا لهذه السياسة, غير ان الضحايا لا يتعلمون من تجاربهم المريرة فيستدعون مرة اخرى من تلطخت اياديهم في الفساد المالي العالمي والازمة الاقتصادية لطلب المشورة والنصيحة.
يتشكل في العالم الرأسمالي اليوم تيار ثالث يقدم تصورا جديدا ومقاربة مختلفة في السياسة والاقتصاد تنهض على انقاض افكار المحافظين الجدد ونظرياتهم, بيد ان اصحاب الرؤية النقدية غابوا عن المنتدى بينما ظل كلاوس شواب بحركاته الاستعراضية وخطاباته الممجوجة عن »الفرص والتحديات والامال العريضة« حاضرا امام الكاميرات.
لا يملك منتدى دافوس اي سلطة على الدول لفرض توصياته واقتراحاته وقيمته في نظر مريديه هي في كونه ملتقى لمناقشة التحديات واقتراح الحلول البديلة واستباق الازمات, لكن هذه القيمة على اهميتها فشل المنتدى في تحقيقها, ومن يعد الى اجتماعات المنتدى قبل وقوع الازمة العالمية العام الماضي يجد ان المناقشات تخلو من اي اشارة لازمة اقتصادية متوقعة لا بل سيلحظ الكم الكبير من المداخلات والخطابات التي تمجد السياسة الاقتصادية العالمية وتثني على ثورة العقار التي تقود النمو العالمي وسيقرأ ثرثرة كلاوس ذاتها عن الفرص الواعدة.
بالنسبة للاردن لا تتعدى اهمية المناسبة الجوانب السياحية والاعلامية, فقدوم مئات الاشخاص الى البحر الميت والاقامة لعدة ايام يوفر مردودا جيدا لقطاع السياحة ويساهم في جذب المزيد من السياح في المستقبل.
أما التغطية الاعلامية للمنتدى فأنها تساهم هي الاخرى في وضع الاردن على قائمة الاحداث العالمية ونشرات الاخبار العالمية.
أما الاتفاقيات التي توقعها الحكومة مع شركات اجنبية خلال اعمال المنتدى مثل اتفاقيات الديسي والصخر الزيتي والمناطق التنموية فهي إما اتفاقيات جرى التفاوض سابقا حولها ومجرد قرارات لمجلس الوزراء لا فضل للمنتدى فيها وكل ما في الامر اننا بتوقيت توقيعها تزامنا مع »البحر الميت« نمنح المنتدى انجازا لا يستحقه.
الحدث الثاني الذي يتزامن مع انعقاد المنتدى هو قمة الدول الاحد عشر وهي صيغة جرى اختراعها لجمع دول فقيرة من شتى اصقاع الكون اثبتت التطورات والازمة العالمية ان لا قيمة لها في المحافل الدولية ولم تضف شيئا على مستوى التعاون الثنائي أو الجماعي للمنخرطين فيها.
في المقابل اظهرت التطورات ان التجمعات الاقليمية هي الاقدر على تحقيق المصالح وتعظيم المكاسب خاصة للدول المتجاورة والمتكاملة اقتصاديا فما يجمع الاردن والسعودية او سورية اكبر بكثير مما يجمعنا مع هندراوس وكرواتيا.0
fahed.khitan@alarabalyawm.net