حراك سياسي .. والكلمة الفصل عند أوباما
نشأت الحلبي
16-05-2009 10:36 PM
بدأت الرياح السياسية تتحرك بكثافة في منطقة الشرق الأوسط، فيما تتجه الأنظار الى واشنطن التي تستضيف على طول أيام الشهر الحالي زعماء الشرق الأوسط الفاعلين لترتيب الدخول الأميركي الى لب القضية الشرق الأوسطية، فبعد الزيارة المهمة التي قام بها جلالة الملك عبدالله الثاني الى البيت الأبيض ولقائه بالرئيس الأميركي باراك أوباما، ينتظر أوباما أن يلتقي بالرئيس المصري حسني مبارك وبرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وسبق ذلك لقاءات مهمة في المنطقة من المفترض أنها كانت تهدف الى ترتيب الأوراق قبل فردها أمام أوباما، لكنها كشفت عمق الخلافات بين المواقف العربية وحكومة نتنياهو، ففي شرم الشيخ طفت هذه الخلافات على سطح لقاء مبارك ونتنياهو، وكانت الخلافات واضحة كذلك عندما أصر الملك عبدالله الثاني التأكيد على حل الدولتين الذي ترفضه حكومة اليمين الإسرائيلي المتطرف، وبدا الخلاف بشكل أكثر وضوحا على صفحات الصحف الإسرائيلية التي هاجمت كل المنادين بحل الدولتين بحجة ضبابية الرؤيا السياسية الفلسطينية ذاتها والمنقسمة بين رام الله وغزة والخوف من أن يسيطر "المتشددون الفلسطينيون" وتحديدا حركة المقاومة الإسلامية حماس على السطلة في الدولة العتيدة إذا ما سمحت لها إسرائيل بأسباب العيش مما يعني تهديدا أمنيا للدولة العبرية.
هذا كله، ساهم في ضبابية الصورة للموقف الأميركي المتوقع إتجاه القضية الشرق الأوسطية ، ذلك أن أمواج هذه الخلافات بدأت تلاطم الموقف الأميركي قبل أن تظهر معالمه على الرغم من تأكيد أوباما نفسه وتأكيد مبعوثه الى الشرق الأوسط جورج ميتشيل بأن حل الدولتين المتمخض عن مؤتمر أنابوليس هو أساس التحرك الأميركي في القضية الفلسطينية، وأصبح التشاؤم عنوان كل التحيلات التي تحاول تفكيك شيفرة الموقف الأميركي لا سيما إتجاه إمكانية ثبوته على حل الدولتين خصوصا إذا ما تحركت قوى ولوبيات الضغط التقليدي المتعاطفة والمتحالفة مع إسرائيل لا سيما اللوبي الصهيوني الذي يعد الرافعة الأساس لهذه اللوبيات.
على كل حال، فإن فإن الكلمة الحسم ستكون في يد أوباما، والبوصلة الأميركية ستتضح وجهتها النهائية بعد اللقاءين مع كل من نتنياهو ومبارك، فإما أن يكمّل الموقف المصري ما أسس له الموقف الأردني وبالتالي يدفع بإتجاه تكريس حل الدولتين كأساس للتحرك الأميركي المرتقب، أو أن يقلب نتنياهو المعادلة وينجح بالحد من الإندفاع الأميركي إتجاه حل الدولتين.
ورغم التشاؤم، فإن واشنطن لربما تنظر الى المسرح الشرق الأوسطي بطريقة أوسع، ولعل أهم ما يشكل المشهد الحالي في المنطقة يكمن في الشق المتعلق بإيران مرورا بدمشق، وهنا لا تغفل واشنطن اللاعبين الأساسيين في مجمل الملفات المعقدة، ومعنى ذلك أنها ستحسب بكل الأحوال معركتها العالمية مع طهران بخصوص الملف النووي ومدى إنعكاس موقفها في القضية الفلسطينية على هذه المعركة، وإن كانت قد قررت مؤخرا إتخاذ موقف متشدد إتجاه حليف طهران القوي في دمشق من خلال تجديد العقوبات الإقتصادية التي كانت قد قررتها إدارة الرئيس السابق جورج بوش، لكنها قد "تجبر" في الموضوع الفلسطيني ما "كسرته" إتجاه دمشق، ولربما يكون من نتائج التقارب السوري التركي قراءة مختلفة وترتيب آخر للأوراق، فأنقرة، الحليف القوي لأميركا، قد تؤثر في المشهد برمته إذا ما عادت لتحيي من جديد المفاوضات المباشرة بين دمشق وتل أبيب، وإذا ما نجحت في تحقيق نتائج هي بأمس الحاجة إليها لتقديمها قربانا الى واشنطن وأوروبا لتحقيق مطلبها بالإنضمام الى المجموعة الأوروبية، فإن تبادل المصالح هذا قد ينتج عنه ما لم تكن واشنطن تحسب نجاحه يوما لا سيما إذا ما كان على شاكلة إحداث إختراق في التحالف السوري الإيراني، ولربما يكون لهذه النتيجة إندفاعة أميركية غير مسبوقة في تحريك مياه السلام الراكدة في منطقة الشرق تأسيسا على كثير من القواعد لعل أهمها التفرد بالمعركة مع إيران على الساحة الدولية بعد ضمان حماية الخاصرة الأميركية في المنطقة والمتمثلة بإسرائيل.
على كل حال، فإن "طلاسم" الموقف الأميركي إتجاه عملية السلام وشكل تدخلها في مفاوضات الشرق الأوسط لن يطول الوقت حتى تتكشف بشكل واضح وجلي وإستنادا الى أي قراءة كانت، وستكون الأيام القادمة الزمن النهائي لفكفكة شيفرة هذا الموقف الذي سيؤسس للسياسة الأميركية القادمة في المنطقة على طول عمر إدارة الرئيس أوباما.
Nashat2000@hotmail.com