المال العام .. والمسافة الذهنية عند الأردنيين ؟
د.حسين محادين
16-05-2009 10:22 PM
عمون - خاص - للباحث الدكتور حسين محادين - هل ثمة مسافة ذهنية موهومة لدى مواطننا عند تعامله مع المال العام سواء أكان موظفا حكوميا أو مواطنا عاديا ؟ والمال العام هنا لا يقتصر على المال المُسيل كالنقد فقط ، ولكنه يصل ليعني هدر الوقت في العمل دون إنتاج، أو حتى الإهمال والاعتداء على الموجودات العامة في مكان عمله وصولا إلى التأخر في الانجاز أو سداد الضريبة للدولة وحتى عدم احترام نظم السير وأخلاقيات التعامل مع الآخرين بصورة لائقة؟؟. ومن الأمثلة على أنماط ثقافتنا وسلوكياتنا المختلفة في تعاملنا مع هذا المال ما هو شبه مستقر في أذهاننا كأردنيين يمكن استنباطه من ثقافتنا الشفهية المتوارثة للان ومنها الأتي :-
· مال الحكومة كسّبه ،بمعنى أن كل ما يمكن الحصول عليه منها مقبول سلوكينا واجتماعيا.
· "أسهل خصومة هي اللي مع الحكومة" بالمعنى القانوني والمطلبي ؛إذ يبدو أن متابعة الحكومة للقضايا المقامة عليها من قبل المواطنين اقل مما يجب خصوصا أمام القضاء الأمر الذي عزز مثل المفهوم السابق .
· "دّين الحكومة مو دّين" إذ مازال البعض مؤمنا بأن الاقتراض مثلا من مؤسسة الإقراض الزراعي وغيرها لا يعتبر دينا يستوجب السداد عادة ، وتناصا مع هذا يقول الأردني" كانه دين حوط رطلين" وهذا معزز ثقافي أخر على ما ذهبت إليه في بداية هذا المقال .
· ويبدو أن جذور هذه السلوكات تعود نسبيا إلى بداية تأسيس إمارة الشرق العربي/ الأردني لاحقا ،إذ أن حكومات التأسيس الأولى قد نظمت المجتمع عبر المؤسسية الواعدة للدولة بصورة موازية ومراكمة أحيانا على مفهوم القبيلة/الجماعة الأولية علاقات وإنتاج فبقي الغاطس الذهني والسلوكي الأردني عموما محتفظا بثنائية خاطئة " نحن- هي" .
· ولعل السؤال الواخز هنا هو انه وبرغم تطور مفهوم وحضور المركزية القانونية للدولة وفي ذروتها الإنسان الأردني بتعليمة المرتفع وانفتاحه اللافت على تجارب العالم في موضوعات المال العام وقداسته في معظم المجتمعات المتطورة ألا أننا مازلنا نشهد لا مبالاة عند معظمنا في تعامله مع هذا الركن الأساس في حياة وتطور دولتنا الحديثة؛ فلدينا ديوان للمحاسبة ما زانا حائرون في تبعيته القانونية مثلما لدينا هيئة لمكافحة الفساد..الخ ومع هذا نقرا ونسمع يوميا عن جرأة البعض في التطاول على المال العام بأطيافه المادية والانجازية .
· والسؤال المفتوح على الحوار هنا هو؛ أين يكمن الخلل أفي القوانين أم في سلوكياتنا كمواطنين، أم في ميلنا المبالغ فيه في عمل تسويات لجُل التجاوزات على المال العام في مجتمعنا ودون صخب إعلامي وتنويري للناس،ثم أاولسنا بحاجة إلى محاسبة وليس إلى محسوبية كما نادت جلالة الملكة رانيا كتعبير عن توجيهات جلالة الملك عبدالله؟
وأخيرا ما هي النتائج والمصاحبات التأثيرية على تنامي التجاوزات على المال العام في مجتمعنا النازع للحداثة والتطور كجزء من فضاء إنساني أرحب ؟؟ أنها دعوة للتحاور من على منبر عمون المفتوح على كلمة السواء بيننا كأردنيين فهل نفعل ؟