كتب منيف الرزاز رسالة لمؤنس، حين كان في المعتقل وقد قرأها الرئيس على مسمع النواب.. بكل ما في العمر من
شوق لمؤنس وبكل ما في القلب من حسرة على منيف..
قرأها في معرض رده على كلمات النواب.
أنا أيضا سأكتب لك رسالة.. وهذا نصها.
(عزيزنا عمر الرزاز..
هل مرت عليك الريح سريعة عاصفة..؟ بالطبع كلنا في تشرين وأيلول شهدنا ريحا ترفع ربطات العنق، وتنثر الشعر، وتستبد بخصلاته.. أنت طبعا قد تعصف الريح بربطة عنقك، لكنها لن تؤثر في شعرك مثلي، لأنك مبكرا احترفت الصلع..
ما كان يجعلني أفكر مطولا، في هذا المشهد هو اللحظة التي أخرج فيها سيجارة من جيبي وأحاول أن اشعلها، وتغتال الريح ناري.. كلما هممت بإشعال (القداحة).. تغتال الريح الشعلة..
ذات يوم كنت في ساحة مركز الحسين الثقافي أنتظر ضيفا، وكانت ريحا عاتية، حاولت أن أصنع من أصابعي ساترا للنار كي أشعل طرف السيجارة ولم تشتعل، ثم أدرت ظهري للريح.. ولم أفلح أيضا، وذهبت لزاوية بعيدة، علها تستر عورة النار..لكن عورة النار كانت مكشوفة للريح.. كنت أحني رأسي كثيرا وألعن (الولاعة).. والحقيقة أن المشكلة ليست في (الولاعة) ولكنها في الريح..
في النهاية لم أشعل سيجارتي، كان لابد أن أدخل إلى مكان مغلق، لاتلعب الريح في أطرافه وأشعلها.
في لجة محاولاتي إشعال السيجارة، كان شعري يتناثر، وكان رأسي يبدو أشبه بكومة من الصوف، وربطة عنقي.. تلتوي مجددا.. ويخرج القميص من أطراف البنطال فاضحا كرشي.. وفي النهاية تنتصر الريح.
أنت لست مثلي، فربطات عنقك بسيطة جدا، وليست غالية والريح.. تعرف أنها لن تغير في تسريحة شعرك.. فهي تعبر عن سطح أملس.. ونارك ربما أقوى من نارنا..
يا رفيق.. معركتك ليست مع الفساد، ومع الترهل.. ومع الفقر ومع الحاجة، ومع اقتصاد متعب.. معركتك مع الريح.. ولا أعرف هل ستنطفئ نارك مثلنا أم أنك ستشعلها بالرغم من الريح).
Hadi.ejjbed@hotmail.com
الرأي