facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




الفرق بين الليبراليين .. والليبراليين الجدد ؟!!


د.احمد القطامين
16-05-2009 08:06 PM

يعرف البعض الليبرالي بأنه شخص متفتح يتعاطى مع العصر حسب مقتضياته .. وقد تبلور خلال الثلث الأخير من القرن الماضي تيار من الليبراليين العرب الذين دعوا الى بناء النهضة الوطنية على مجموعة من الأسس كالانفتاح المنضبط الواعي على متطلبات العصر مع الاحتفاظ بالثوابت الاساسية للمجتمع كمحرك ومصدر اساسي للتغيير والاصلاح.

الا أنهم كنتيجة لافتقارهم لرؤيا واضحة لإدارة عملية التغيير وصلوا الى طريق مسدود حالهم في ذلك حال بقية القوى الاخرى القومية واليسارية وكل اطياف اليمين الذي تحكم في مجريات الامور وهيمن على كل السلطات في المنطقة العربية خلال الاربعين سنة الماضية.

وقد تمحورت الطروحات الفكرية لليبراليين القدامى حول الدعوة الى تحديث المجتمع وتصفية ما علق بالممارسات الاجتماعية فيه من عناصر تخلف كالخرافة والشعوذة والتعصب للرأي والميل الى الغاء الآخر، وتهميش دور المرأة وانعدام الشفافية في التعامل واتخاذ القرار وتبنى المواقف المحافظة في التصدي للمشاكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في المجتمعات العربية ولكن مع احترام العادات والتقاليد المتوارثة وتركها تتطور بشكل تلقائي يتوازى مع التطور الطبيعي للمجتمع.

ويندرج تحت هذه التسمية فئات اجتماعية عديدة كالاصلاحين وقادة الرأي والمثقفين والكتاب والفنانين .. وكل الافراد ومؤسسات المجتمع المدني التي تساهم في تشكيل الرأي العام او تساعد بإبداعاتها الفنية والادبية والعلمية في تشكيل ضمير الأمة، ولكن مع الاسف كانت انجازات هؤلاء بمجملها متواضعة جدا، نتيجة للانهيارات الخطيرة في البنى المختلفة للمنظومة الكلية للمجتمع العربي، حيث اصبح المجتمع نهبا لعوامل تغيير فوضوية غير منتظمة.

وقد ادى كل ذلك الى خلق حالة من الإحباط تركت شروخا عميقة في الوجدان القومي العربي مما قاد الى بروز تيار ليبرالي جديد أنتج ما اصبح يسمى بظاهرة "الليبراليون الجدد"، وهم أشخاص غادروا بلدانهم الى الدول الغربية في سن مبكرة من حياتهم قبل ان تتشكل لديهم بنى ثقافية محلية متماسكة وتلقوا تعليمهم الجامعي في الدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة الاميركية وبريطانيا ونتيجة لقصر تجربتهم وضحالة المحتوى الثقافي لديهم افتتنوا بالطريقة الغربية في الحياة وتشكلت لديهم قناعات ملتبسة واخذوا بإسقاط تلك القناعات على المعطيات في بلدانهم الاصلية، وبحكم تدريبهم المتخصص اصبحوا من الفئة التي تندرج تحت تصنيف "تكنوقراط".. يمتلكون مهارات غالبا ما تكون عالية في الأمور الفنية ذات العلاقة بتخصصاتهم.

لكن ما اثار العديد من الفئات والتيارات المختلفة في المجتمع العربي عليهم هي تلك المواقف الفكرية التي يعبرون عنها جهارا والتي تتصف بكراهيتهم للثقافة العربية والاسلامية ورفضهم المباشر وغير المقنن للعادات والتقاليد السائدة سواء منها الايجابية او السلبية، ويتباهون كثيرا في إلصاق كل انواع التهم بالمخزون الحضاري والثقافي للأمة ويحملونه المسؤولية الكاملة في ما وصلت اليه الاوضاع من تردٍ.

وكنتيجة مباشرة لافتقارهم للحد الفكري الادنى من المعرفة بطبيعة العلاقة بين الحضارة والثقافة والتغيير فإنهم يدعون سرا وعلنا الى إعادة الاستعمار الى مجتمعاتنا العربية والاسلامية بدعوى مساعدتها على التغيير والانتقال من قيود المجتمع المتخلف المغلق الى مجتمع جديد يحاكي المجتمعات الغربية بكل ما فيها من انفتاح وأساليب حياة مختلفة قياسا بالمعايير الحضارية في بلدانهم.

وأود في هذا السياق الاشارة الى ان ما يجعل طروحات هذا التيار غير قابلة ان تتفاعل بشكل ايجابي مع المجتمع الذي يعيشون فيه، هو حقيقة ان التغيير الذي لا ينطلق من مبادرات محلية ولا يراعى المعطيات الاساسية السائدة فيها يقود دائما الى حالات خطيرة من الفوضى والاضطراب والتدمير،... اي ان القوى التي تقاوم التغيير الآتي من هكذا محركات هي قوى غير قابلة للهزيمة او الاستسلام.
qatamin8@hotmial.com





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :